فلا يعدل عنها إلى المجاز، لأنا ننظر إلى مخرج اليمين، ويحنث صاحبها ويبر على مخرجها وحقايقها، دون أسبابها، ومعانيها، ومجازاتها، وفحوى خطابها، ولهذا إذا حلف الإنسان لأضرب عبده، أو لا أشتري شيئا، فأمر بضربه أو شراء ذلك الشئ، فإنه لا يحنث، لأن الأيمان تتعلق بحقايق الأسماء والأفعال، لا بمجازاتها ومعانيها.
وكذا إذا حلف إنسان على إنسان آخر وقد عدد إنعامه عليه، فقال له في جواب ذلك والله لا شربت لك ماء من عطش، فانتفع بغير الماء وأكل الخبز، ولبس الثياب، لا يحنث، لأن يمينه تعلقت بشرب الماء فحسب، وهو الحقيقة، وما عدا ذلك مجاز وفحوى خطاب، ولأن الأصل براءة الذمة من الواجبات والمندوبات، إلا ما أوجبه دليل قاطع للأعذار، فليلحظ ذلك ويتأمل حق التأمل.
إذا حلف لا يأكل البيض، انطلق على كل بيض يزايل بايضه، وهو بيض الدجاج، والإوز، والنعام، والطيور، ونحوها، فأما ما عدا ذلك، مما لا يزايل بايضه حيا، وهو بيض الحيتان، والجراد، فلا يحنث بأكله، لأن إطلاق الأيمان يتعلق بما يقصد ويفرد للأكل وحده، دون بايضه، هكذا ذكر شيخنا في مبسوطه (1).
والذي يقتضيه مذهبنا أنه يحنث بأكل جميع ما ينطلق عليه اسم البيض، لأن اسم البيض يقع حقيقة على جميع ذلك، والأيمان عندنا تتعلق بحقايق الأشياء، ومخارج الأفعال والأسماء، ولا ترجع إلى المعاني، فإنما هذه تخريجات المخالفين وقياساتهم، فإذا كان اسم البيض ينطلق على بيض السمك حقيقة، وجب أن يتعلق الأيمان وتطلق عليه، وطريقة الاحتياط أيضا يقتضيه.
وقال شيخنا في مسائل خلافه: إذا حلف لا يأكل لحما، فأكل قلبا، لا يحنث (2).
والأولى أنه يحنث، لأن اسم اللحم ينطلق عليه حقيقة، وقد قلنا إن الأيمان تتعلق بمخارج الأسماء وحقايقها، وإنما بعض المخالفين قال هذا، واستدل بأنه لا يباع