وشواذ، أثبتها بعض مشيختنا في مصنفات، تتضمن تفصيل أحكام الديات، وقد جنح فيها القول، وبسط على استقصاء فيها لا يراد الروايات منها كتاب ظريف بن ناصح - بالظاء المعجمة -، وهذا الكتاب عندي طالعته، فما رأيته طائلا يورد فيه ما لا يجوز العمل به، ويضاد ما الإجماع عليه، وكتاب علي بن رئاب - بهمز الياء المنقطة من تحتها بنقطتين - وغيرهما من المشيخة الفقهاء، لا يحتمل كتابنا هذا إيراد ذلك كله، لأنه لا يوجب علما ولا عملا.
والذي يقتضيه أصول مذهبنا أنه إذا لم يكن إجماع على الرواية، ولا هي متواترة، أن نحكم في الجناية والدية بالاعتبار الذي قدمناه من التقويم، وأن يجعل العبد أصلا للحر فيما لا مقدر فيه، ولا موظف مجمع عليه، ثم يحكم بذلك على المثال الذي كررناه وذكرناه فيما مضى، وحررناه في جميع ما يرد على الإنسان من الأحكام والفتاوي، وفيما أثبتناه منه مقنع في معرفة ما أردنا بيانه إن شاء الله.
ولا ينبغي للحاكم أن يحكم في شئ من الجراحات وكسر الأعضاء حتى يبرأ، ثم ينظر في ذلك، ويرجع فيه إلى أصحاب الخبرة، فيحكم حسب ما تقتضيه الجناية.
ومن أراد القصاص، فلا يقتص بنفسه، وإنما يقتص له الناظر في أمر المسلمين، أو يأذن له في ذلك، فإن أذن له، جاز له حينئذ الاقتصاص (1)، فإن بادر واقتص، أخطأ ولم يجب عليه قود ولا قصاص.
والأطراف كالأنفس، فكل نفسين جرى القصاص بينهما في الأنفس، جرى بينهما في الأطراف، سواء اتفقا في الدية أو اختلفا فيها، كالحرين والحرتين، والحر والحرة والعبدين والأمتين والعبد والأمة، والكافرين والكافرتين، والكافر والكافرة ويقطع أيضا الناقص بالكامل، دون الكامل بالناقص، وكل شخصين لا يجرى القصاص بينهما في الأنفس كذلك في الأطراف، كالحر والعبد، والكافر والمسلم، طردا وعكسا إلا أنه إذا اقتص للحرة من الرجل الحر في الأطراف، ردت فاضل الدية على ما قدمناه فيما مضى، وشرحناه.