وأكلها على كل حال، إلا ما كان منها جلالا، وهو الذي يكون غذاؤه أجمع الجلة بفتح الجيم وتشديد اللام، وهي عذرة بني آدم فإنه محظور لا يجوز أكله.
وحد الجلال الذي لا يجوز أكله إلا بعد الاستبراء، هو أن يكون غذاؤه أجمع عذرة الإنسان، لا يخلطها بغيرها على ما قدمناه (1)، وإذا كان مخلطا، يأكل العذرة وغيرها، فإن لحمه مكروه، وليس بمحظور.
ويستبرء الجلال، الإبل منه بأربعين يوما، يربط ويعلف علقا مباحا حتى يزول عنه حكم الجلل، والبقر منه بعشرين يوما كذلك، والشاة بعشرة أيام، والبطة بخمسة أيام، والدجاجة بثلاثة أيام، والسمك بيوم واحد.
وقد روي (2) أنه إذا شرب شئ من هذه الأجناس خمرا، ثم ذبح جاز أكل لحمه بعد أن يغسل بالماء، ولا يجوز أكل شئ مما في بطنه، ولا استعماله، والأولى حمل هذه الرواية على الكراهية دون الحظر، لأنه لا دليل على تحريم ذلك من كتاب، ولا سنة مقطوع بها، ولا إجماع، والأصل الإباحة.
وإذا رضع شئ من هذه الأجناس من خنزيرة، حتى اشتد على ذلك، لم يجز أكل لحمه.
وروي (3) أنه لا يجوز أيضا أكل ما كان من نسله.
وإن كان شربه من الخنزيرة دفعة أو دفعتين، ولم يشتد على ذلك، كان أكل لحمه مكروها غير محظور، إلا أنه يستبرأ بسبعة أيام، على ما روي في الأخبار (4) إن كان مما يأكل العلف كسبا، وغيره أطعم ذلك، وإن لم يكن مما يأكل العلف، سقي من لبن ما يجوز شرب لبنه سبعة أيام.
وروي (5) أنه إذا شرب شئ من هذه الحيوانات بولا، ثم ذبح، لم يؤكل ما في بطنه إلا بعد غسله بالماء.