يشذ عنه شئ من الروايات، لا لأنه يعتقد ذلك، فإن قيل كيف تعولون على هذه الأخبار، أكثر رواتها المجبرة والمشبهة والمقلدة، والغلاة، والواقفة، والفطحية، وغير هؤلاء من فرق الشيعة المخالفة للاعتقاد الصحيح، ومن شرط خبر الواحد أن يكون راويه عدلا عند من أوجب العمل به، وهذا مفقود في هؤلاء قيل لسنا نقول إن جميع أخبار الآحاد يجوز العمل بها، بل لها شرائط نحن نذكرها فيما بعد ونشير هيهنا إلى جملة من القول فيه، فأما ما يرويه العلماء المعتقدون للحق، فلا طعن على ذلك بهذا السؤال. وأما الفرق الذين أشاروا إليهم من الواقفة والفطحية وغير ذلك، فعن ذلك جوابان، أحدهما أن ما يرويه هؤلاء يجوز العمل به إذا كانوا ثقات في النقل، وإن كانوا مخطئين في الاعتقاد، فما يكون طريقة هؤلاء، جاز العمل به، قال عليه شيخنا الحمصي إلا أن هذا الجواب لا يوافق المذهب الذي اختاره وقرره وقننه (1)، من أن الخبر إذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة، جاز العمل به، دون ما يكون واردا من غير طريقهم، فإن اعتذر بما ذكره قدس الله روحه من أن هؤلاء وإن كانوا مخطئين في الاعتقاد، كانوا ثقات في النقل، قيل له هذه العلة وهي الثقة في النقل، قد توجد في غير هؤلاء من المبطلين في العقائد، كالمجبرة والمشبهة، وغيرهم، فأجز العمل بخبرهم إذا كانوا ثقات في النقل، كما أجزت في هؤلاء المبطلين، وإلا فما الفرق؟ وهذا يوجب عليه أن يرفع الفرق والتمييز بين أصحابنا وبين غيرهم من الفرق في الرواية والنقل، وأن يصير إلى مذهب المخالفين في أخبار الآحاد هذا آخر كلام الحمصي الذي قاله على شيخنا أبي جعفر رحمه الله (2).
ونعم ما قال واستدرك واعترض، فإنه لازم كطوق الحمامة.
قال شيخنا أبو جعفر: والجواب الثاني أن ما يروونه إذا اختصوا بروايته لا يعمل به، وإنما يعمل به إذا انضاف إلى روايتهم رواية من هو على الطريقة المستقيمة، والاعتقاد الصحيح، فحينئذ يجوز العمل به.
قال شيخنا الحمصي رحمه الله، وهذا الجواب هو الذي يوافق مذهبه الذي حكيناه