وقد ذكرنا ما يحتاج إليه في كتاب الأشربة (1)، فلا وجه لإعادته.
وحد شارب الخمر عندنا ثمانون جلدة.
وحد المفتري سواء كان مسلما أو كافرا حرا كان أو عبدا رجلا كان أو امرأة لا يختلف الحكم فيه، إلا أن المسلم يقام عليه ذلك على كل شربه عليها، والكافر لا يحد إلا بأن يظهر شرب ذلك بين المسلمين، أو يخرج بينهم سكران، فإن استسر بذلك فشربه في بيته، أو كنيسته، أو بيعته، لم يجز أن يحد.
والحد يقام على شارب الخمر، وكل مسكر من الشراب، قليلا كان ما شرب منه، أو كثيرا، لأن القليل منه يوجب الحد، كما يوجبه الكثير، لا يختلف الحكم في ذلك على ما قدمناه.
ويثبت الحكم فيما ذكرناه بشهادة شاهدين عدلين، أو بالإقرار بذلك مرتين.
فإن شهد أحد الشاهدين بالشرب، وشهد الآخر بالقئ، قبلت شهادتهما، ووجب بها الحد، على ما رواه (2) أصحابنا، وأجمعوا عليه.
وكذلك إن شهدا جميعا بأنه قاء خمرا اللهم إلا أن يدعي من قائها أنه شربها مكرها عليها غير مختار لذلك، فيدرأ الحد عنه، لمكان الشبهة.
فإن قيل كيف يعمل برواية أصحابنا وإجماعهم الذي ذكرتموه.
قلنا يمكن أن يعمل بذلك، وهو أنه لا يدعي الذي قائها أنه شربها مكرها، وإنما خصصنا ما بيناه، لئلا يتناقض الأدلة، فإنه قال عليه السلام وروته الأمة، وأجمعت عليه، بغير خلاف إدرأوا الحدود بالشبهات (3).
فإن ادعى أنه أكره على شرب ما قائه، يمكن صدقه، فصار شبهة، فأما إذا لم يدع ذلك، فقد شهد عليه بالشرب، لأنه إذا قائها، فما قائها إلا بعد أن شربها، ولم يدع شبهة في شربها، وهو الإكراه، فيجب عليه إقامة الحد فصح العمل برواية أصحابنا، وبالرواية الأخرى المجمع عليها، إذ لا تناقض بينهما على ما حررناه،