فأما السهم، فإن غاب عن العين، وكان قد جعله السهم في حكم المذبوح، بأن قطع الحلقوم والمري والودجين، أو جميع الرقبة، ما خلا الجلد، أو أبان السهم حشوته - بكسر الحاء - يعني جميع ما في بطنه، وما أشبه ذلك، فلا بأس بأكله، فأما إن كان بخلاف ذلك، فلا يجوز أكله، لأن في الأول يقطع على أن سهمه القاتل له، والثاني لا قطع معه، وبهذا وردت الأخبار (1) عن الأئمة الأطهار عليهم السلام، وأصول المذهب أيضا تقتضيه.
فإن أصاب الصيد سهم فتدهده من جبل، أو وقع في الماء، ثم مات فعلى ما فصلناه من الاعتبار.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته، وإذا أصاب الصيد سهم، فتدهده من جبل، أو وقع في الماء، ثم مات لم يجز أكله، لأنه لا يأمن من أن يكون قد مات في الماء، ومن وقوعه من الجبل (2).
والأصل ما قدمناه من الاعتبار، لأن شيخنا علل القول، لأنه قال لا يأمن أن يكون قد مات في الماء، ومن وقوعه من الجبل، ونحن فقد أمنا إذا وجدناه على الصفة المقدم ذكرها، من كونه في حكم المذبوح، فأما إذا لم يكن كذلك، فالقول ما قاله رحمه الله.
وقال في مبسوطه، إذا رمى طائرا فجرحه، فسقط على الأرض، فوجد ميتا، حل أكله، سواء مات قبل أن يسقط، أو بعد ما سقط، وقال بعضهم، إذا مات بعد ما سقط، لم يحل أكله، لأن سقوطه على الأرض، قبل موته، فقد أعانت السقطة على قتله، فقد مات من مبيح وحاظر، فغلبنا حكم الحظر، كما لو سقط في الماء، وهذا أليق بمذهبنا، فأما إن سقط عن الإصابة في ماء، أو تردى من جبل، أو وقع على شجرة، فتردى منها إلى الأرض، لم يحل أكله، لقوله تعالى: " والمنخنقة والموقوذة