قال شيخنا أبو جعفر الطوسي في عدته، والذي أذهب إليه، أن خبر الواحد لا يوجب العلم، وكان يجوز أن ترد العبادة بالعمل به عقلا، وقد ورد جواز العمل به في الشرع، إلا أن ذلك موقوف على طريق مخصوص، وهو ما يرويه من كان من الطائفة المحقة، ويختص بروايته، ويكون على صفة يجوز معها قبول خبره من العدالة وغيرها (1).
قال محمد بن إدريس رحمه الله: راوي الرواية التي اعتمدها رحمه الله وهو إسماعيل بن أبي زياد السكوني، ما حصلت فيه الطريق التي راعاها (2) شيخنا، ولا الصفة التي اعتبرها، بل هو عامي المذهب، ليس هو من جملة الطايفة، وهو غير عدل عنده، بل كافر، فكيف اعتمد على روايته، وهو لا يقول بذلك، فإن كان يعمل في بعض مقالاته على أخبار الآحاد، بل يراعي أن يكون الراوي من عدول طائفتنا على ما قرره في عدته على ما حكيناه عنه.
ولقد أحسن شيخنا محمود الحمصي رحمه الله، فيما أورده في كتابه المصادر، في أصول الفقه، لما حكي كلام شيخنا أبي جعفر الطوسي رضي الله عنه في عدته، فإنه ذكر جملة باب الأخبار، وطول في الإيراد لها معظمها، فإنه قال وذهب شيخنا السعيد الموفق، أبو جعفر محمد بن الطوسي، قدس الله روحه ونور ضريحه إلى وجوب العمل بما ترويه ثقات الطائفة المحقة، وإن كانوا في حيز الآحاد، ثم ذكر بعد ذلك فصولا كثيرة، حكى فيها كلامه، ثم قال بعد ذلك، قال قدس الله روحه، فإن قيل كيف تعملون بهذه الأخبار، ونحن نعلم أن رواتها أكثرهم كما رووها رووا أيضا أخبار الجبر والتشبيه وغير ذلك من الغلو والتناسخ وغير ذلك من المناكير، فكيف يجوز الاعتماد على ما يرويه أمثال هؤلاء، قيل لهم ليس كل الثقات نقل حديث الجبر والتشبيه وغير ذلك مما ذكر في سؤال، ولو صح أنه نقله، لم يدل على أنه كان معتقدا لما تضمنه الخبر، ولا يمتنع أن يكون إنما رواه ليعلم أنه لم