لم يتب، فإن العفو في جميع هذه الأحوال إلى المقذوف.
وذهب شيخنا أبو جعفر في الجزء الثالث من الإستبصار، إلى أن المقدوف بعد رفعه القاذف إلى الإمام وثبوت القذف عليه، ليس له أن يعفو عنه (1).
والصحيح أن للمقذوف العفو على كل حال، لأن ذلك من حقوق الآدميين، وإلى هذا ذهب في نهايته (2) فليلحظ ذلك.
ومن قذف محصنا أو محصنة، لم تقبل شهادته بعد ذلك إلا أن يتوب ويرجع ويصلح عمله، ولا تقبل شهادته بمجرد توبته، إلا بعد إصلاح العمل على ما قلناه في كتاب الشهادات (3) فإنا بلغنا فيه إلى أبعد الغايات.
فأما كيفية التوبة من القذف، فإن الناس اختلفوا في ذلك، فالذي يقوى في نفسي ويقتضيه أصول مذهبنا، أن يقول القذف باطل حرام، ولا أعود إلى ما قلت، لأنه إذا قال كذبت فيما قلت، ربما كان كاذبا في هذا، لجواز أن يكون صادقا في الباطن، وقد تعذر عليه تحقيقه، فإذا قال القذف باطل حرام، فقد أكذب نفسه، وقوله لا أعود إلى ما قلت، فهو ضد ما كان منه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ومن قذف محصنا أو محصنة، لم تقبل شهادته بعد ذلك، إلا أن يتوب ويرجع، وحد التوبة والرجوع عما قذف، هو أن يكذب نفسه في ملأ من الناس، في المكان الذي قذف فيه فيما قاله، فإن لم يفعل ذلك لم يجز قبول شهادته بعد ذلك (4).
إلا أنه رجع عن ذلك في مبسوطه، في الجزء السادس في كتاب الشهادات فقال فصل في شهادة القاذف، إذا قذف الرجل رجلا أو امرأة، فقال زنيت أو أنت زان، لم يخل من أحد أمرين، إما أن يحقق قذفته (5)، أو لا يحققه، فإن حققه نظرت.