لأنفسهما ولا لزيد، لما مضى.
فإن شهدا بأن هؤلاء قطعوا الطريق على هؤلاء وهذا قذف زيدا، قبلت الشهادة، لأنهما شهدا بالحق مطلقا على وجه لا ترد به شهادتهما.
وليس للحاكم أن يسأل الشهود هل قطعوا الطريق عليكم مع هؤلاء أم لا؟
وهل قذفكما هذا مع قذفه زيدا أم لا؟ لأن الحاكم لا يبحث عن شئ مما تشهد به الشهود إلا ما يكون مجملا من قولهم مما لا يمكنه الحكم به إلا بعد مسائلتهم عنه، كشهادتهم أن زيدا قتل عمروا فإنه يجب عليه أن يبحث عن صفة هذا القتل، هل هو عمد محض أو خطأ محض؟ أو خطأ شبيه العمد؟ لأن القتل مجمل، وهو على ثلاثة أضرب، فلا يؤمن في حكومته أن يكون القتل بخلاف الجنس الذي يحكم به، فيخطي على المشهود عليه أو المشهود لهم.
وجملته إن كل شهادة كانت بأمرين فردت في أحدهما هل ترد في الآخر أم لا؟ نظرت، فإن كان الرد لأجل العداوة، ردت في الآخر، وإن كان لأجل التهمة فهل ترد في الآخر أم لا؟ قال قوم ترد، وقال آخرون لا ترد، وهو الأقوى عندي، لأن التهمة موجودة في حق نفسه دون حق غيره، والعداوة في الشهادتين حاصلة، فبان الفصل بينهما.
فإن شهدوا فقالوا هؤلاء عرضوا لنا، وقطعوا الطريق على غيرنا، قبلت هذه الشهادة، لأن العداوة ما ظهرت لهم، فلهذا سمعت وعمل بها.
والخناق يجب عليه القتل، ويسترجع منه ما أخذ، فيرد على صاحبه، فإن لم يوجد بعينه أغرم قيمته أو مثله إن كان له مثل، أو أرش ما لعله نقص (1) من ثمنه، إلا أن يعفو صاحبه عنه.
ومن بنج غيره أو أسكره بشئ احتال عليه في شربه أو أكله، ثم أخذ ماله، عوقب على فعله ذلك بما يراه الإمام أو الحاكم من قبله، واسترجع منه ما أخذه، فإن جنى البنج أو الإسكار عليه جناية كان المبنج ضامنا لما جنياه.