ولا يدخل قصاص الطرف في قصاص النفس بحال على ما قدمناه، وتدخل دية الطرف في دية النفس، فهذا الفرق بين الموضعين، وهو اختيار شيخنا أبي جعفر في مسائل خلافه (1)، وإن كان مذهبه في نهايته (2) بخلاف ذلك.
وما ذهب إليه في خلافه هو الصحيح، لأن ظاهر القرآن يعضده.
قال شيخنا في مسائل خلافه، مسألة، إذا قطع يد رجل ثم قتله، كان لولي الدم أن يقطع يده ثم يقتله، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وقال أبو يوسف ومحمد ليس له القصاص في الطرف، كما لو سري إلى النفس، هذا آخر كلامه رحمه الله (3).
ومن جرح غيره جراحة في غير مقتل، أو ضربه كذلك، فمرض المجروح، أو المضروب، ثم مات، فإنه يعتبر حاله، فإن علم أنه مات من الجراح أو الضرب أو من شئ جنياه، أو من سرايتهما، كان عليه القود أو الدية على الكمال مع التراضي على ما بيناه، فإن كان مات بغير ذلك من الأمراض الحادثة من قبل الله تعالى، أو لجناية جان آخر، أو اشتبه الأمر فيه، فلا يعلم أنه مات منه، أو من غيره، لم يكن عليه أكثر من القصاص، فأما إذا لم يزل من يوم جرحه أو ضربه، ضمنا - بفتح الضاد وكسر الميم - متألما من الجرح والضرب، فإنه يجب عليه القود.
الجراحات أولها الحارصة - بالحاء غير المعجمة، والصاد غير المعجمة - وهي التي تحرص الجلد، يعني تشقه قليلا، ومنه قيل حرص القصار الثوب، إذا شقه.
ثم الدامية، وهي التي تشق اللحم بعد الجلد.
ثم المتلاحمة، وهي التي أخذت في اللحم، ولم تبلغ السمحاق.
ثم السمحاق - بالسين غير المعجمة، وكسرها، وسكون الميم، والحاء غير المعجمة، وفتحها، والقاف - وهي التي بينها وبين العظم قشيرة رقيقة، وكل قشرة رقيقة فهي