وقال بعض أصحابنا إن كانت القيمة على الضعف من الثلث، بطلت الوصية، ولم ينفذ عتق شئ منه، وقد أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (1)، إيراد لا اعتقادا، لأنا قد بينا أنه رجع عن ذلك في مبسوطه.
فإن أوصى لعبده بثلث ماله، فإن كانت قيمته وفق الثلث، عتق ولا شئ له ولا عليه، وإن كانت أقل من الثلث عتق وأعطي تمام الثلث، وإن كانت أكثر من الثلث، عتق منه بمقدار الثلث، واستسعى في الزيادة على الثلث، فإذا أداها عتق جميعه.
وإذا أوصى بعتق ثلث عبيده، استخرج ثلثهم بالقرعة وعتقوا.
ولا يجوز أن يعتق في الكفارة، الأعمى، والمجذوم، والمقعد، لأن هؤلاء خرجوا من الملك بهذه الآفات، والعتق لا يكون إلا بعد ملك.
وإذا أعتق مملوكا وله مال، فماله لمولاه، سواء علم مولاه بالمال في حال إعتاقه، أو لم يعلم، لأن العبد عندنا لا يملك شيئا، وذهب بعض أصحابنا إلى أنه إن علم أن له مالا في حال إعتاقه، فالمال للعبد المعتق، وإن لم يعلم به، أو علم فاشترطه لنفسه، فهو لمولاه دونه، وينبغي عند هذا القائل أن يقول " مالك لي " وأنت حر فإن قال " أنت حر ومالك لي " لم يكن له على المال سبيل.
وقد بينا فساد هذا المذهب، بما دللنا عليه من أن العبد لا يملك شيئا لقوله تعالى: " عبدا مملوكا لا يقدر على شئ " (2) وإنما ذلك المذهب على رأي من يملكه من أصحابنا فواضل الضرائب، وأروش الجنايات عليه في نفسه، وذلك باطل للآية التي تلوناها.
وكل من أقر على نفسه بالعبودية، وكان بالغا مجهول النسب بالحرية، عاقلا، أو قامت البينة على عبوديته، وإن لم يكن بالغا (3) أو عقل جاز تملكه والتصرف فيه بالبيع والشراء والهبة وغير ذلك.