المكاتب، إذا صار إليه نصيبه، لأن الدين الذي هو مال الكتابة يخرج من نصيب الوارث للأجزاء الحرية (1)، دون جميع ما خلفه وتركه الميت، لأن الأجزاء الباقية على العبودية لا تملك شيئا، لأنه مال سيده دونه، وإنما الدين يتعلق بما فيه من الحرية ونصيبها، دون جميع التركة.
وهذا مذهب شيخنا أبي جعفر في استبصاره (2)، وهو الصحيح دون ما أوردناه أولا فإن كان هذا المكاتب قد رزق الولد بعد الكتابة من أمة له، كان حكم ولده حكمه في أنه يسترق منه مولى أبيه بقدر ما بقي على أبيه، فإن أدى الابن ما كان قد بقي على أبيه، صار حرا لا سبيل لمولاه عليه، فإن لم يكن له مال، استسعاه مولى الأب فيما بقي على أبيه، فمتى أداة صار حرا.
وهذا المكاتب إذا أدى بعض مكاتبته، يرث ويورث بحساب ما عتق منه، ويمنع الميراث بقدر ما بقي من الرق، وكذلك إن وصى له، كانت الوصية ماضية له، بقدر ما عتق، ويحرم بقدر ما بقي من رقه.
وكل شرط يشرطه المولى على مكاتبه، فإنه يكون ماضيا ما لم يكن شرطا يخالف الكتاب والسنة، كما أن له جميع ما يشرط عليه، إذا أعتقه، فإن أشرط عليه أن يكون ولاؤه له، كان له الولاء دون غيره، ولا يكون له الولاء بمجرد الكتابة إلا بالشرط.
ومتى تزوجت المكاتبة بغير إذن مولاها، كان نكاحها باطلا، وإن كان ذلك بإذن مولاها وقد أدت بعض مكاتبتها، ورزقت أولادا، كان حكم ولدها حكمها، يسترق منهم بحساب ما بقي من ثمنها، ويعتق بحساب ما عتقت (3) إذا كان تزويجها بعبد مملوك، فإن كان تزويجها بحر، كان الولد أحرارا.
وإذا قال المكاتب لمولاه، خذ مني جميع ما كاتبتني عليه دفعة واحدة، كان مخيرا بين أخذه منه في موضع، والامتناع منه، ولا يقبل منه إلا على ما وأفقه من النجوم.