فيكون قد أعتقوا ثلاثة، والرواية من أخبار الآحاد، وقد بينا أنه لا يعمل بأخبار الآحاد عندنا في الشرعيات، لأنها لا توجب علما ولا عملا.
وإذا أوصى لرجل بشئ ثم مات الموصي، فإنه ينتقل ما أوصى به إلى ملك الموصى له بوفاة الموصي، لأنه لا يخلو الشئ الموصي به من ثلاثة أحوال، إما أن يبقى على ملك الميت، أو ينتقل إلى الورثة، أو ينتقل إلى الموصى له، ولا يجوز أن يبقى على ملك الميت، لأنه قد مات، والميت لا يملك، بل يزول ملكه بموته، ولا يكون ملكا للورثة لقوله تعالى " من بعد وصية يوصي بها أو دين " (1) فجعل للورثة الميراث بعد الوصية، فلم يبق إلا أن يكون ملكا للموصى له بالموت، هذا استدلال شيخنا أبي جعفر في مسائل خلافه (2)، لأنه يذهب إلى أن بالموت ينتقل ما أوصى به إلى ملك الموصى له.
والذي يقوى في نفسي، أنه لا ينتقل بالموت، بل بانضمام القبول من الموصى له، لا بمجرد الموت، والذي يدل على صحة ذلك، أنه لا خلاف بين أصحابنا أنه إذا رد الموصى له الوصية بعد موت الموصي، فإن الشئ الموصى به يعود إلى الورثة، ويقسم قسمة الميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين، فلو انتقل إلى ملك الموصى له بالموت، ما كان كذلك، بل كان يكون هبة منه، وصلة وعطية للورثة، فيكون ذكرهم وأنثاهم فيها سواء، وأيضا فإنه يبعد أن يدخل الشئ في ملك مالك بغير قبوله واختياره، لأنه ليس في أصول مذهبنا ذلك، ولا لأصحابنا فتوى بذلك، ولا وردت به أخبار عن الأئمة الأطهار، ولا وضعه مصنف منهم في كتابه، ولا أودعه تصنيفه، ولا أجمعوا عليه، والأصل أن لا ملك، فمن ادعى دخول الأشياء في الأملاك بغير رضا المالكين ولا قبولهم، فإنه يحتاج إلى دليل قاهر.
والذي يمكن أن يقال على استدلال شيخنا أبي جعفر، وتفصيله " من أنه ليس بملك للميت ولا للورثة " فما بقي إلا أن يكون داخلا في ملك الموصى له.
يقال ما تقول في التركة إذا كان على الميت دين يحيط بها، فإنها بلا خلاف بيننا