وهذه جميعها تخريجات المخالفين وفروعهم، وليس لأصحابنا في ذلك نص ولا إجماع، والأصل براءة الذمة، وحقن الدماء.
إذا استعار إنسان بيتا من آخر وجعل متاعه فيه، ثم إن المعير نقب البيت وسرق المتاع، وجب قطعه.
إذا اكترى دارا وجعل متاعه فيها، فنقب المكري وسرق المتاع، فعليه القطع.
إذا نقب المراح بفتح الميم فحلب من الغنم ما قيمته ربع دينار، فأخرجه، وجب قطعه.
إذا سرق شيئا موقوفا مثل دفتر أو ثوب أو ما أشبههما وكان نصابا من حرز، وجب عليه القطع، لقوله تعالى " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " ولأن الوقف ينتقل إلى ملك الموقوف عليه، لأنه يضمن بالغصب.
وكل عين قطع السارق بها مرة فإنه إذا سرقها مرة ثانية، قطعناه، حتى لو تكرر ذلك منه أربع مرات، قتلناه في الرابعة.
قال شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه مسألة إذا قامت عليه البينة بأنه سرق نصابا من حرز لغائب، وليس للغائب وكيل يطالب بذلك، لم يقطع حتى يحضر الغائب، وكذلك إن قامت عليه البينة بأنه زنى بأمة غائب، لم يقم عليه الحد حتى يحضر الغائب، وإن أقر بالسرقة أو بالزنا أقيم عليه الحد فيهما (1).
قال محمد بن إدريس أما قوله رحمه الله في القطع، فصحيح، لأنه لا مطالب له، وقد قلنا إن القطع لا يجب إلا بعد المطالبة من المسروق منه، وهاهنا لا مطالب له، فلأجل ذلك لم يقطع لأنه حق من حقوق الآدميين، فلا يقام إلا بعد مطالبتهم به على ما قدمناه، فأما إقامة حد الزنا فلا وجه لتركه بحال، لأنه حق لله محض، إلا أن يدعي الزاني بالأمة المذكورة إن مولاها أباحه نكاحها، فيصير شبهة، فلا يقام لأجل ذلك، لا لأجل غيبة سيدها، بل لقوله عليه السلام، ادرؤا الحدود بالشبهات (2).