وقال آخرون منهم ولا يرث ولد الملاعنة ملاعن أمه المصر على نفيه، ولا من يتعلق بنسبه، ولا يرثونه، ومن يتعلق بنسبه، ويرثه بعد الاعتراف به والرجوع عن نفيه، ومن يتعلق بنسبه، ولا يرثه الأب ولا من يتعلق بنسبه.
وهذا هو الأقوى عندي، لأنه إذا أقر به، حكم عليه بأنه ابنه، إلا ما أخرجه الدليل، ولأن الإقرار بمنزلة البينة، بل أقوى.
إلا أن لقائل أن يقول: قد حكم الشارع في هذا الموضع أنه ليس بولد له.
كما لو أقر اللقيط بأنه عبد، لا يقبل إقراره بالعبودية، لأن الشارع حكم بأنه حر، فلا يقبل إقراره بالرق.
والذي أعتمده في هذه الفتوى، أن الولد يرثه بعد إقراره به، دون غيره من قراباته، فإنه لا يرثهم ولا يرثونه لإجماع أصحابنا على ذلك، ومن شذ منهم لا يلتفت إلى خلافه، لأنه معروف النسب والاسم، وهو أبو الصلاح صاحب كتاب الكافي الحلبي.
والوالد لا يرث الولد على حال بدليل إجماعنا على ذلك، وأيضا فالاحتياط فيما ذكرناه، لأن الإقرار بالولد بعد نفيه قد يكون للطمع في ميراثه، فإذا لم يورث، كان ذلك صارفا له عن الإقرار به لهذا الغرض، واقتضى أن لا يكون بعد الجحود إلا لتحري الصدق فقط.
فإن مات ولد الملاعنة، وخلف أخا من أبيه الذي نفاه، ومن أمه، وخلف أختا من أمه، كان الميراث بين الأخ والأخت نصفين، لأنهما من كلالة الأم، يتساوى الذكر والأنثى في الميراث، لأن النسب الأخ إليه من أبيه غير معتد به، لأنه بعد نفيه ما صار أباه، فكأنه خلف أخا وأختا لأم، فليلحظ ذلك.
وذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في استبصاره، إلى أن ولد الملاعنة إن اعترف به أبوه بعد الملاعنة، فإنه يرث أباه، ولا يرثه أبوه، ويرث أخواله وترثه أخواله، إذا كانت أمه ميتة، فأما إذا لم يعترف به أبوه بعد اللعان، فإنه لا يرث أباه، وترثه أمه، فإذا ماتت، ترثه أخواله، وهو لا يرث أخواله (1).