وهو الذي اعتمده، وأفتي به، لقوله تعالى " ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون " (1) والكافر خبيث بغير خلاف، وأيضا دليل الاحتياط يقتضيه.
والأعمى والمجذوم، والمقعد بالزمانة، لا يجزي عتق واحد منهم، لأنهم ينعتقون عند أصحابنا بهذه الآفات، والأعرج، والأقطع اليدين، أو إحديهما، أو اقطع الرجلين، أو إحديهما يجزي للآية، وإليه ذهب شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه (2).
والمدبر وأم الولد يجزي عتقهما عن الكفارة، ولا يجزي عتق المكاتب عندنا بحال، هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر في مسائل خلافه، فإنه قال مسألة، عتق المكاتب لا يجزي في الكفارة، سواء أدى من مكاتبته شيئا أو لم يؤد (3).
وقال في نهايته في باب الكفارات: ولا يجوز له أن يعتق مدبرا إلا بعد أن ينقض تدبيره، ولا أن يعتق مكاتبا له، وقد أدى من مكاتبته شيئا (4).
والذي يقتضيه أصولنا، أن عتق المكاتب المشروط عليه في الكفارة جائز، سواء أدى من مكاتبته شيئا أو لم يؤد، لإجماعنا على أنه عبد ما بقي عليه شئ، فأما المكاتب المطلق، فإنه إذا لم يتحرر منه شئ، ولم يؤد شيئا من مال الكتابة، فإنه يجزي إعتاقه أيضا في الكفارة، لأنه عبد لم يتحرر منه جزء، فإما أن أدى شيئا ولو قليلا، فلا يجزي إعتاقه في الكفارة، لأنه قد تحرر منه جزء بقدر ما أدى، بغير خلاف، فليلحظ ذلك ويحصل، والله الموفق للصواب.
إذا مات وعليه حق لله، مثل الزكوات، والكفارات، وحق الآدميين، مثل الديون، قيل فيه ثلاثة أقوال، أحدها حق الله المقدم، والثاني حقوق الآدميين، والثالث هما سواء، وهو الأقوى عندي، لأن تقدم أحدهما على الآخر يحتاج إلى دليل.