من خلق جديد.
هذا حاصل كلام الرازي وغيره من المفسرين الأعلام ولا يخفى ما فيه من النقض والإبرام والمناقشة في التمام لإفادة المرام.
وكلام الله تعالى لا ينحصر معناه فيما حواه الأفهام من الأنام ولا يبعد أن لا يكون ما وصل إليه أفهام المفسرين هو مراد الله من هذه الآيات المذكورة فإن منكري المعاد أكثرهم من المعاندين الجدليين من أهل البحث أولى الطبائع الغليظة من أجلاف العرب وطريقة إرشادهم هي المدارات معهم والتلطف بهم في دفع الشبهة من خيالهم ودفع ما يتشبثون به في الإنكار بالمقدمات المسلمة عندهم فإن مدار إنكارهم استبعادهم المعاد والنشور وبناء جحودهم وعنادهم للحشر والبعث من القبور تشبثوا بها في الاستبعاد وتمسكوا بها في دعوى استحالة المعاد.
فلنذكرها مفصلة ونجيب على كل واحد منها جوابا يحل العقدة ويفك الإشكال إنشاء الله ولي الجود والإفضال.
ومنها ما ارتكز في أوهام العامية من أن البدن إذا صار ترابا وتفرق وتفتت أعضاؤه وتشتت أجزاؤه كيف يرجع ويجتمع ويصير بدنا مثل الأول من ذا الذي يعرف تلك الأجزاء حتى يطلبها ومن الذي يقدر على جمعها بعد تفرقها في الجهات والأنحاء وأطراف الأرض والسماء فالحق سبحانه أزال هذا الاستبعاد بأنه هو الذي يعلم تلك الأجزاء وعلمه محيط بذرات الأرض وأجزاء السماء وعنده كتاب محفوظ فيه كل شيء وهو القادر على رجعها وجمعها مرة أخرى وأنها كانت متفرقة في المرة الأولى يجمعها ففي المرة الثانية لا يخرج عما في قدرته وتصرفه من الأرض والسماء وكذلك ينزل من السماء ماء مباركا يفيد الإنبات والإحياء لما في الأرض بأن يجمع أجزاء متفرقة متشتتة جدا فكذلك وبمثل ذلك يكون الخروج والبعث والجمع ثانيا.
فبهذا يظهر أن هذا الاستبعاد