تعالى وليس صفة كمالية لذاته بشيء على شيء آخر يستند إلى ذاته ليس محذورا عندهم كما أن صدور بعض الموجودات عن الواجب يحتاج إلى صدور بعض آخر عنه.
وليس هذا احتياجا منه ممتنعا عليه بل هذا في الحقيقة احتياج إليه لا إلى غيره كما لا يخفى.
وعن الثاني بأن هذا ليس انتقالا زمانيا بل ترتيبا عقليا والانتقال من معلوم إلى معلوم إذا لم يكن بحسب الزمان فهو غير ممتنع عليه تعالى كما في طريقة الشيخ الرئيس وموافقيه في علمه.
إنما المحال التغير الزماني فيه كما في طريقة بعض المتكلمين وأبي البركات البغدادي.
وأما ثالثا فبأنه يلزم على هذا التقدير كون ذاته المقدسة متحد الماهية مع المعلول الأول اتحاد العلم التفصيلي مع المعلوم.
وأما رابعا فبلزوم كون شيء واحد صورة لشيئين متباينين في غاية التباين من حيث كون ذاته تعالى علما تفصيليا بذاته المقدسة وبذات المعلول الأول.
وأما خامسا فبورود مفاسد القول السابق عليه على وجه أشد كما لا يخفى.
فهذه جملة من الأقوال المحتملة في كيفية علمه تعالى بالأشياء وما يرد على كل واحد منها مع ما في وسعنا من المحيص عنه والإصلاح له والتنقيح إياه والمزيد على ما ذكر فيه.
فقد حان حين أن نعين ما هو الحق والصواب عند أهل الحقيقة من ذوي الألباب ويشبه أن يكون مما ذهب إليه البارعون في العلم من الحكماء وانطبقت عليه مرموزات الفلاسفة من القدماء ووافقه أسرار العرفاء من الأولياء.
فأقول وروح القدس نفث في روعي: أن الواجب تعالى لما كان مجردا عن المادة والقوة والاستعداد غاية التجرد فيكون عقلا وعاقلا ومعقولا بالوجه الذي مر بيانه.
ولما كانت الممكنات بأسرها مستندة إليه على الترتيب النازل منه والصاعد إليه من