القدرة.
وكما يفيض منها صور الأشياء وحقائقها بإفاضة الحق سبحانه فكذلك يفيض منها صفاتها وكمالاتها الثانوية التي بها تجبر نقصاناتها.
فبهذا الاعتبار أو باعتبار أنها تجبرها على كمالاتها والتوجه إليها عند فقدانها وحفظها عند حصولها ما أمكن يسمى عالم الجبروت وهي صورة صفة جبارية الله تعالى.
ومعلوم من أن صور جميع ما أوجده الله تعالى من ابتداء العالم إلى آخره حاصلة فيها على وجه بسيط مقدس عن شائبة الكثرة التفصيلية وهي صورة القضاء الإلهي.
فمحله عالم الجبروت وهو المسمى بأم الكتاب بهذا الاعتبار كما قال الله تعالى: و إنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم وبالقلم باعتبار إفاضة الصور منه على النفوس الكلية الفلكية قال الله تعالى: اقرأ و ربك الأكرم الذي علم بالقلم وكلما يفيض علينا من العلوم الحقة إنما يفيض عن ذلك العالم.
ولا شك أن تلك الجواهر التي هي خزائن علمه مفاتيح غيبه كما قال الله تعالى: و إن من شيء إلا عندنا خزائنه..
وقال الله تعالى: و عنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو..
متعالية عن تعلق الزمان مقدسة عن التغير والنقصان.
فالقضاء كذلك.
وكما أن العالم العقلي المعبر عنه بالقلم محل القضاء فالعالم النفساني السماوي محل قدره تعالى ولوح قضائه إذ كل ما جرى في العالم أو سيجري مكتوب مثبت في النفوس الفلكية فإنها عالمة بلوازم حركاتها كما بين في موضعه.
فكما ينتسخ بالقلم في اللوح نقوش حسية كذلك ارتسمت من عالم العقل في عالم النفوس صور معلومة مضبوطة منوطة بعللها وأسبابها على وجه كلي.
فتلك الصور هي قدره تعالى ومحلها وهو عالم النفوس الكلية التي هي قلب العالم الكلي عند الصوفية