ليعلموا أنهم في مرتبة النقص وهو كمالهم عن الكمال الإلهي فقال والذي جاء بالصدق وصدق به يعني محمدا صلى الله عليه وسلم فكنى عنه بالذي جاء بالصدق والذي من الأسماء النواقص ولما علم إن العبد المقرب يتألم بظهور نقصه ويخاف من الحاقة بالعدم ورجوعه إلى أصله آنسه سبحانه من باب اللطف والكرم فسمى سبحانه نفسه بالأسماء النواقص فقال هو الذي خلقكم وقال الله الذي أنزل من السماء وليس في القرآن لله تعالى أكثر من الأسماء النواقص فكان ذلك تأمينا للخلفاء فإنهم قاطعون بأن الحق ليس له مرتبة النقص ولا يقبلها ومع ذلك قد جرت عليه الأسماء النواقص فلو أثرت الأسماء لذاتها في المسمى لأثرت في الله وهي غير مؤثرة فيه إذا فنرجو أنها لا تؤثر فينا تأثير العدم ولكن كمالنا في أن تؤثر فينا تأثير وقوفنا مع عجزنا وفقرنا وهذا الباب الذي فتحناه علينا في هذا المنزل باب واسع لا يتسع الوقت لا يراد بعض ما يعطيه فليكف هذا القدر منه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل انتهى السفر التاسع عشر من الفتوح المكي والحمد لله رب العالمين (الباب التاسع والثمانون ومائتان في معرفة منزل العلم الأمي الذي ما تقدمه علم من الحضرة الموسوية) العلم بالله تزيين وتحلية * والعلم بالفكر تشبيه وتضليل والعلم بالفكر إجمال ومغلطة * والعلم بالله تحقيق وتفصيل والعلم بالفكر أعلام مجردة * والعلم بالله تحويل وتبديل فلا تغرنك أقوال مزخرفة * فإن مدلولها جهل وتعليل فالفيلسوف يرى نفي الإله بما * تعطيه علته وذاك تعطيل والأشعري يرى عينا مكثرة * وذاك علم ولكن فيه تمثيل الأمية عندنا لا تنافي حفظ القرآن ولا حفظ الأخبار النبوية ولكن الأمية عندنا من لم يتصرف بنظره الفكري وحكمه العقلي في استخراج ما تحوي عليه من المعاني والأسرار وما تعطيه من الأدلة العقلية في العلم بالإلهيات وما تعطيه للمجتهدين من الأدلة الفقهية والقياسات والتعليلات في الأحكام الشرعية فإذا سلم القلب من علم النظر الفكري شرعا وعقلا كان أميا وكان قابلا للفتح الإلهي على أكمل ما يكون بسرعة دون بطء ويرزق من العلم اللدني في كل شئ ما لا يعرف قدر ذلك إلا نبي أو من ذاقه من الأولياء وبه تكمل درجة الايمان ونشأته ويقف بهذا العلم على إصابة الأفكار وغلطاتها وبأي نسبة ينسب إليها الصحة والسقم وكل ذلك من الله ويعلم مع حكمه بالباطل أنه لا باطل في الوجود إذ كان كل ما دخل في الوجود من عين وحكم لله تعالى لا لغيره فلا عبث ولا باطل في عين ولا حكم إذ لا فعل إلا لله ولا فاعل إلا الله ولا حكم إلا لله ولا حاكم إلا الله فمن تقدمه العلم بما ذكرناه فبعيد إن يحصل له من العلم اللدني الإلهي ما يحصل لللأمي منا الذي ما تقدمه ما ذكرناه فإن الموازين العقلية وظواهر الموازين الاجتهادية في الفقهاء ترد كثيرا مما ذكرناه إذ كان الأمر جله ومعظمه فوق طور العقل وميزانه لا يعمل هنالك وفوق ميزان المجتهدين من الفقهاء لا فوق الفقه فإن ذلك عين الفقه الصحيح والعلم الصريح وفي قصة موسى والخضر دليل قوي على ما ذكرناه فكيف حال الفقيه وأين الأينية وما شاكلها التي نسبها الشارع والكشف إلى الإله من الموازين النظرية والبراهين العقلية على زعم العقل وحكم المجتهد فالرحمة التي يعطيها الله عبده أن يحول بينه وبين العلم النظري والحكم الاجتهادي من جهة نفسه حتى يكون الله يحابيه بذلك في الفتح الإلهي والعلم الذي يعطيه من لدنه قال تعالى في حق عبده خضر عبدا من عبادنا فأضافه إلى نون الجمع آتيناه رحمة من عندنا بنون الجمع وعلمناه بنون الجمع من لدنا بنون الجمع علما أي جمع له في هذا الفتح العلم الظاهر والباطن وعلم السر والعلانية وعلم الحكم والحكمة وعلم العقل والوضع وعلم الأدلة والشبه ومن أعطى العلم العام وأمر بالتصرف فيه كالأنبياء ومن شاء الله من الأولياء أنكر عليه ولم ينكر هذا الشخص على أحد ما يأتي به من العلوم وإن حكم بخلافه ولكن يعرف موطنه وأين يحكم به فيعطي البصر حقه في حكمه وسائر الحواس ويعطي العقل حكمه وسائر القوي المعنوية ويعطي النسب الإلهية والفتح الإلهي حكمهم فبهذا يزيد العالم الإلهي على غيره وهو
(٦٤٤)