الذي يرى أن الوجود ليس سوى عين الحق فهو من حيث عينه لا تقوم به العلل غير أنه لما ظهر في أعين الناظرين إليه في صور مختلفة حكمت عليه بذلك أحكام أعيان الممكنات ظهر معتلا بحكم العرض الذي عرض لا عين الناظرين إليه وهو في نفسه على ما هو عليه كما يعرض للنور في عين الناظر صور الألوان وهو في نفسه غير متلون فهذا قد عاد الصحيح معتلا وأما الاعتماد على الكنايات لأنها أعرف المعارف والاعتماد لا يكون إلا على معروف لأجل التعيين فلو كان منكرا لم يتميز ولم يتعين فيكون الاعتماد على غير معتمد والأسماء لا تقوى قوة الكنايات فلا يخيب المعتمد على الكنايات وقد يخيب المعتمد على الأسماء لأنها لا تقوى قوة الكنايات في المعرفة وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة لأنه لا يتغير والأسماء قد تنتقل وتستعار فمن اعتمد على الاسم في حال كونه معارا أو منتقلا يخيب المعتمد عليه فالمستعار كالاشتعال الذي هو اسم مخصوص نعت من نعوت أحوال النار المركبة فاستعير للشيب في قوله واشتعل الرأس شيبا وأما الانتقال فمثل قوله جدارا يريد أن ينقض فنقل اسم المريد لمن ليس من شأنه أن يريد فإن اعتمد على هذا الاسم في حال نقله خاب المعتمد عليه والكنايات ليست كذلك ولها فتوح المكاشفة بالحق وفتوح الحلاوة في الباطن كما للأسماء فتوح العبارة (الفصل التاسع والأربعون) فيما يعدم ويوجد مما يزيد على الأصول كالنوافل مع الفرائض اعلم أنه لا يسمى بالزائد من تطلبه الذات لكمال حقيقتها فما زاد على أعطى كل شئ خلقه فهو زائد وهو إذا عدم لم يتأثر المعدوم عنه بعدمه وإن وجد لم يزد الموجود فيه في ذاته شيئا لم يكن عليه مثل الأحوال عند أصحاب المقامات إن وجدت فيهم لم يزد ذلك في مكانتهم وإن عدمت لم ينقص عدمها من مكانتهم ولذلك هي مواهب (الفصل الخمسون) في الأمر الجامع لما يظهر في النفس من الأحكام في كل متنفس حقا مشبها وخلقا وحياة ونطقا وما نفس به من الأقسام الإلهية اعلم أن الإمداد الإلهي للموجودات لا ينقطع فإذا قصر فمن القابل لا من جانب الممد فإن أضيف عدم الإمداد في أمر معين إلى جانب الحق فذلك القصر إمداد المصلحة في حق ذلك الممنوع فإنه العالم بمصالح المخلوقات ولهذا ينبغي للعلماء بالله أن لا يعينوا عند سؤالهم حاجة بعينها وليسألوا ما لهم فيه الخير من غير تعيين فكم من سائل عين فلما قضيت حاجته لحكمة يعلمها الله أدركه الندم بعد ذلك على ما عين وتمنى أنه لم يعين فالإمداد تنفس رحماني والإمداد الإلهي في الموجودات طبيعي ومزاد فالطبيعي ما تمس الحاجة إليه لقوام ذاته ودفع ألم يقوم به والمزاد ما يزيد على هذا مما لا يحتاج في نفسه إليه هذا إذا كان من أهل الله القائلين بالري عند الشرب ومن لا يقول بالري فما ثم إمداد مزاد بل كله طبيعي والمزاد على قسمين وهو ما يمده به الحق مما يحتاج إليه الغير وفيه يقول الله آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم وقل رب زدني علما وهذا المزاد إن كان عن طلب من الغير وهو الموجب للزيادة مثل ما هو في نفس القاري فئ آمن وآدم أو يكون وإن كان إمداد من الله لهذا العبد ليمد به من يعلم الله أنه محتاج إليه ليشرف الواسطة بذلك فيجد هذا العبد في نفسه علما لا يقتضيه حاله فيعلم أن المراد به التعليم والإمداد للغير ومثاله في نفس القاري جاء وشاء ودابة وطامة وهو الموجب للزيادة في الإمداد فدابة وطامة صورتان تدبرهما روح واحدة وهو التضعيف والهمزة نصف حرف عند بعضهم وهو الاسم الظاهر والألف نصف حرف وهو الاسم الباطن فالمجموع حرف واحد وهو السبب الموجب لزيادة الإمداد لما يعلم الممد من حاجته إلى ذلك أو لطلبه وعلى كل حال فنفس الرحمن فيه موجود والزيادة في الإمداد على قدر الحاجة أو الطلب فيفضل بعضه على بعض فالمفضول قصر وجزر عن المد إلا طول الأفضل فاعلم ذلك فالمد إمداد محسوس ظاهر والجزر إمداد معنوي يطلق عليه اسم النقيض فاعلم ذلك (وصل) إذا اجتمع عارفان في حضرة شهودية عند الله ما حكمهما وهذه مسألة سألني عنها شيخنا يوسف بن يخلف الكومي سنة ست وثمانين وخمسمائة فقلت له يا سيدي هذه مسألة تفرض ولا تقع إلا إذا كان التجلي في حضرة المثل كرؤيا النائم وكحال الواقعة وأما في الحقيقة فلا لأن الحضرة لا تسع اثنين بحيث أن يشهد معها غيرها بل لا يشهد عينها في تلك الحضرة فأحرى أن يشهد عينا زائدة ولكن يتصور هذا في تجلى المثال فإذا اجتمعا
(٤٧٥)