ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم قال إبليس فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين يعني الذين اصطنعهم الحق لنفسه فجعل من لطفه لإبليس متعلقا يتعلق به في موطن خاص يعرفه العارفون بالله ثم أخبر الله أن الشيطان يعدهم الفقر لقوله تعالى وعدهم فأدرج الرحمة من حيث لا يشعر بها ولو شعر إبليس بهذا الاستدراج الرحماني ما طلب الرحمة من عين المنة ولكن حجبته قرائن الأحوال عن اعتبار الحق صفة الأمر الإلهي فالإسم اللطيف أورث الجان الاستتار عن أعين الناس فلا تدركهم الأبصار إلا إذا تجسدوا وجعل سماعهم القرآن إذا تلي عليهم أحسن من سماع الإنس فإن الإنسان وجد عن الاسم الجامع فما انفرد بخلق الاسم اللطيف الإلهي دون مقابله من الأسماء فلما تلا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن فما قال في آية منها فبأي آلاء ربكما تكذبان إلا قالت الجن ولا بشئ من آلائك ربنا نكذب ثم تلاها بعد ذلك صلى الله عليه وسلم على الإنس من أصحابه فلم يظهر منهم من القول عند التلاوة ما ظهر من الجن فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه إني تلوت هذه السورة على الجن فكانوا أحسن استماعا لها منكم وذكر الحديث ويقول الله عز وجل آمرا وإذ قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا وأخبر عن الجن فقال وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى صراط مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم وما قال الله ولا روى عن أحد من الإنس أنه قال مثل هذا القول فأثر فيهم الاسم اللطيف هذه الآثار في المؤمنين منهم والشياطين وهل حكي عن أحد من كفار الإنس قول مثل قول إبليس وهو قوله فبما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين لما قال الله له إن عبادي ليس لك عليهم سلطان فقطع يأسه منهم أن يكون له عليهم سلطان وحكم فيهم فهم المعصومون والمحفوظون في الباطن وفي الظاهر من الوقوع عن قصد انتهاك حرمة الله فخواطر المعصومين والمحفوظين كلها ما بين ربانية أو ملكية أو نفسية وعلامة ذلك عند المعصوم أنه لا يجد ترددا في أداء الواجب بين فعله وتركه ويجد التردد بين المندوب والمكروه ولا في ترك واجب تركه لا يجد فيه التردد لأن التردد في مثل هذين هو من خاطر الشيطان فمن وجد من نفسه هذه العلامة علم أنه معصوم فقوله لأغوينهم عن تخلق من قوله فبما أغويتني والتزيين الذي جاء به من قوله وعدهم فإنه يتضمنه فما خرج في أفعاله في العباد عن الأمر اللطيف الذي تجعله قرائن الأحوال وعيدا وتهديدا وللظاهر تعلق بالحكم لاستواء الرحمن على العرش واتساع الرحمة وعمومها حيث لم تبق شيئا إلا حكمت عليه ومن حكمها كان قوله واستفزز من استطعت الآيات فتدبر يا ولي حكم هذا الاسم في الجان مؤمنهم وكافرهم إن لم تكن من أهل الكشف والوجود فتتبع ما ذكر الله في القرآن من أخبارهم وحكايات أفعالهم وأقوالهم مؤمنهم وكافرهم ومن أثر الاسم اللطيف لطف إبليس في آدم في قوله هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فصدقه وهو الكذوب ولم يكن كذبه إلا في قوله أنا خير منه ثم علل فقال خلقتني من نار فجمع بين الجهل والكذب فإنه ما هو خير منه لا عند الله ولا في النشأة وفضل بين الأركان ولا فضل بينها في الحقائق فتلطف في الإغواء تلطف المستدرج في الاستدراج والماكر في المكر والخادع في الخداع إن اللطيف من الأسماء معلوم * ولطفه ظاهر في الخلق موسوم هو اللطيف فما يبدو لناظرنا * وكيف يدرك لطف الذات معدوم لطف اللطيف بنا نعت له ولنا * فاللطف في عينه عليه محكوم ثم اعلم أن نسبة الأرواح النارية في الصورة الجرمية أقرب مناسبة للتجلي الإلهي في الصور المشهودة للعين من الجسم الإنساني وما قرب من النسب إلى ذلك الجناب كان أقوى في اللطافة من الأبعد فلا تزال صورة الروح الناري مجهولة عند البشر لا تعلم إلا بإعلام إلهي فإنه إعلام لا يدخله ما يخرجه عن الصدق وكذلك إعلام الأرواح الملكية وأما لو وقع الإعلام من الجن لم نثق به لأنه عنصري الأصل وكل موجود عنصري يقبل الاستحالة مثل أصله والموجود عن الطبيعة من غير وساطة لا يقبل الاستحالة فلهذا لا يدخل أخباره الكذب فلطافته أخفته حتى جهلت صورته فإن قلت فالأرواح الملكية
(٤٦٧)