بما يرضى الخصمين فيحكم لكل واحد لا عليه مع تناقض الأمر يميل إلى غير طريقه في طريقه لحكمة الوقت يغلب ذكر النفس على ذكر الملأ من أجل المفاضلة غيرة أن يفاضل الحق فإنه ذاكر بحق في حق الأمور كلها عنده ذوقية لا خبرية يعرف ربه من نفسه كما علم الحق العالم من علمه بنفسه لا يؤاخذ بالجريمة فإن الجريمة استحقاق والمجرم المستحق عظمته في ذلته وصغاره لا ينتقل عن ذلته في موطن عظمته دنيا وآخرة هو في علمه بحسب علمه إن اقتضى العمل عمل وإن اقتضى أن لا عمل لم يعمل عنده خزائن الأمور بحكمه ومفاتيحها بيده ينزل بقدر ما يشاء ويخرج ما يشاء من غير اشتعار غواص في دقائق الفهوم عند ورود العبارات له نعوت الكمال له مقام الخمسة في حفظ نفسه وغيره ينظر في قوله أعطى كل شئ خلقه فلا يتعداه يدبر أمور الكون بينه وبين ربه كالمشير العالم الناصح في الخدمة القائم بالحرمة لا أينية لسره لا يبخل عند السؤال ينظر في الآثار الإلهية الكائنة في الكون ليقابلها بما عنده لما سمع الله يقول سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم يسمع نداء الحق من ألسنة الخلق يسع الأشياء ولا تسعه سوى ربه فهو ابنه وعينه مرتب للأوامر الإلهية الواردة في الكون ثابت في وقت التزلزل لا تزلزله الحادثات ليست في الحضرة الإلهية صفة لا يراها في نفسه يظهر في أي صورة شاء بصفة الحياة مع الوقوف عند المحدود يعرف حقه من حق خالقه يتصرف في الأشياء بالاستحقاق ويصرف الحق فيها بالاستخلاف له الاقتدار الإلهي من غير مغالبة لا تنفذ فيه همم الرجال ولا يتوجه للحق عليه حق يتولى الأمور بنفسه لا بربه لأنه لا يرى نفسه لغلبته ربه عليه تعود عليه صفات التنزيه مع وجود التشبيه يحصي أنفاسه بمشاهدة صورها فيعلم ما زاد وما نقص في كل يوم وليلة ينظر في المبدأ والمعاد فيرى التقاء طرفي الدائرة يلقى الكلمة في المحل القابل فيبدل صورته وحاله في أي صورة كان ما يطأ مكانا إلا حيي ذلك المكان بوطأته لأنه وطئه بحياة روحية إذا قام قام لقيامه ربه ويغضب لغضبه ويرضى لرضاه فإن حالته في سلوكه كانت هكذا فعادت عليه هل جزاء الإحسان إلا الإحسان لا يخطر له خاطر في شئ إلا تكون ولا يعرف ذلك الشئ أنه كونه له على الأشياء شرف العماء لا شرف الاستواء فهو وحيد في الكون غير معروف العين من لجأ إليه خسر ولا تقتضي حاجته إلا به فإنه ظاهر بصورة العجز وقدرته من وراء ذلك العجز لا يمتنع عن قدرته ممكن كما لا يمتنع عن قدرة خالقه محال ليصح الامتياز فهذا وإن تأخر بظاهره فهو متقدم بباطنه ليجمع في شهوده بين الأول والآخر والباطن والظاهر بحسن للمسئ والمحسن يرجع إلى الله في كل أمر ولا ينتقم لنفسه ولا لربه إلا بأمره الخاص فإن لم يأمره عفي بحق لشهوده السابقة في الحال القليل عنده كثير والكثير عنده قليل يجري مع المصالح فيكون الحق له ملكا يسبح أسماء الله بتنزيهها عن أن تنالها أيدي الغافلين غيرة على الجناب الإلهي من حيث كونها دلائل عليه دلالة الاسم على المسمى إن ولي منصبا يعطي العلو لم ير فيه متعاليا بالله فأحرى بنفسه يعدل في الحكم ولا يتصف بالظلم جامع علوم الشرع من عين الجمع مستغن عن تعليم المخلوقين بتعليم الحق يعطي ما تحصل به المنفعة ولا يعطي ما تكون به المضرة إن عاقب فتطهير لا تبقي مع نور عدله ظلمة جور ولا مع نور علمه ظلمة جهل يبين عن الأمور بلسان إلهي فيكشف غامضها ويجليها في منصتها يخترع من مشاهدة صورة موجدة لا من نفسه وليس هذا لكل عارف إلا لمن يعلم المصارف فإنه مشهد ضنين له البقاء في التلوين يرث ولا يورث بالنبوة العامة يتصرف ويعمل ما ينبغي كما ينبغي لما ينبغي يؤذي فيحلم عن مقدرة وإذا آخذ فبطشه شديد لأنه خالص غير مشوب برحمة قال أبو يزيد بطشي أشد فهذه صفة العارف عندي فتحقق فإن موطن هذا لمأخذ عزيز والله ذو الفضل العظيم (وصل) في تسمية هذا المقام بالمعرفة وصاحبه بالعارف اختلف أصحابنا في مقام المعرفة والعارف ومقام العلم والعالم فطائفة قالت مقام المعرفة رباني ومقام العلم إلهي وبه أقول وبه قال المحققون كسهل التستري وأبي يزيد وابن العريف وأبي مدين وطائفة قالت مقام المعرفة إلهي ومقام العلم دونه ربه أيضا أقول فإنهم أرادوا بالعلم ما أردناه بالمعرفة وأرادوا بالمعرفة ما أردناه بالعلم فالخلاف فيه لفظي وعمدتنا قول الله تعالى وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق فسماهم عارفين وما سماهم علماء ثم ذكر ذكرهم فقال يقولون ربنا ولم يقولوا إلهنا آمنا ولم يقولوا علمنا ولا شاهدنا فأقروا بالاتباع فاكتبنا مع الشاهدين وما قالوا نحن من الشاهدين وقالوا وما لنا لا نؤمن بالله
(٣١٨)