استعمله بالنظر السديد على الإنصاف وطلب الحق وهكذا تجليه على القلوب وفي أعيان الممكنات فهو الظاهر وهو الصور بما تعطيه أعيان الممكنات باستعداد إنها فيمن ظهر فيها فالممكنات هو العماء والظاهر فيه هو الحق والعماء هو الحق المخلوق به واختلاف أعيان الممكنات في أنغسها في ثبوتها والحكم لها فيمن ظهر فيها وهكذا أيضا تجلى الحق للنائم في حال نومه ويعرف أنه الحق ولا يشك وكذلك في الكشف ويقول له عابر الرؤيا يا حقا رأيت وهو في الخيال المتصل فما أوسع حضرة الخيال وفيها يظهر وجود المحال بل لا يظهر فيها على التحقيق إلا وجود المحال فإن الواجب الوجود وهو الله تعالى لا يقبل الصور وقد ظهر بالصورة في هذه الحضرة فقد قبل المحال الوجود الوجود في هذه الحضرة وفيها يرى الجسم في مكانين كما رأى آدم نفسه خارجا عن قبضة الحق فلما بسط الحق يده فإذا فيه آدم وذريته الحديث فهو في القبضة وهو عينه خارج عن القبضة فلا تقبل هذه الحضرة إلا وجود المحالات وكذلك الإنسان في بيته نائم ويرى نفسه على صورته المعهودة في مدينة أخرى وعلى حالة أخرى تخالف حاله الذي هو عليها وهو عينه لا غيره لمن عرف أمر الوجود على ما هو عليه ولولا هذه الرائحة ما قدر العقلاء على فرض المحال عند طلب الدلالة على أمر ما لأنه لو لم يقبل المحال الوجود في حضرة ما ما صح أن يفرض ولا يقدر فإذا قلت مثل هذا لمن فرضه ينسى بالخاصية حكم ما فرضه ويقول لا يتصور وجود المحال وهو يفرض وجوده ويحكم عليه بما يحكم على الواقع فلو لم يتصوره ما حكم عليه وإذا تصوره فقد قبل الوجود بنسبة ما فتحقق ما قلناه تجد الحق ومن هذا الباب مشاهدة المقتول في سبيل الله في المعركة وهو في نفس الأمر حي يرزق ويأكل يدركه المؤمن بإيمانه والمكاشف ببصره وكالميت في قبره يشاهده ساكتا وهو متكلم يسأل ويجيب فإن قلت لمن يرى هذا إنه خيل له يقول لك بل أنت خيل لك إنه ساكت وهو متكلم وخيل لك إنه مضطجع وهو قاعد ويعضده في قوله الايمان بالخبر الصحيح الوارد فهو أقوى في الدلالة منك فعينه أتم نظرا من عينك والكامل النظر الذي هو أكمل من الاثنين يقول لكل واحد صدقت هو ساكت متكلم مضطجع قاعد مقتول حي وكل صورة مشهودة فيه من الباب الذي ذكرناه ومن ذلك الصورة في المرآة وكل جسم صقيل إن كان الجسم الصقيل كبيرا كبرت الصورة المرئية فيه ثم إذا نظرت إلى الصورة من خارج وجدتها غير متنوعة فيما ظهر فيها من التنوع بتنوع المرائي حتى في تموج الماء تظهر الصورة متموجة وكل عين أي كل نظرة تقول للأخرى إنها في مقام الخيال وإن الحق بيدها وتصدق كل نظرة منها فتعلم قطعا إن الصورة المرئية في المرائي والأجسام الصقيلة إنما ظهورها في الخيال كرؤية النائم وتشكل الروحاني سواء وإنها ليست في المرآة ولا في الحس فإنها تخالف صورة الحس من حيث تعلقه الخاص به دون المرآة وليس في الوجود في الغيب والشهادة إلا ما ذكرناه وكذلك إدراكات الجنة فاكهتها لا مقطوعة ولا ممنوعة مع وجود الأكل وارتفاع الحجر فيأكلها من غير قطع بمجرد القطف وقربه من الشخص وعدم امتناعها من القطف ووجود الأكل وبقاء العين في غصن الشجرة فتشاهدها غير مقطوعة وتشهدها قطفا في يدك تأكلها وتعلم ولا تشك أن عين ما تأكله هو عين ما تشهده في غصن شجرته غير مقطوع وكذلك سوق الجنة تظهر فيه صور حسان إذا نظر إليها أهل الجنان فكل صورة يشتهيها دخل فيها فيلبسها ويظهر بها في ملكه ولعينه وهو يراها في السوق ما انفصلت ولا فقدت ولو اشتهاها كل من في الجنة دخل فيها وهي على حالها في السوق ما برحت فهذا كله نظير الحقائق كالبياض في كل أبيض بذاته لا أنه انقسم ولا تجزأ بل حقيقة البياضية معقولة ما انتقص منها شئ مع وجودها في كل أبيض وكذلك الحيوانية في كل حيوان والإنسانية في كل إنسان فيعترف بهذا جميع العقلاء وينكرون ما ذكرناه من هذه الأمور في التجلي وغيره فما جاء من ذلك في الكتاب والسنة اعترف به المؤمنون وساعدوا أهل الكشف وأنكره أصحاب النظر وإن قبلوه قبلوه بتأويل بعيد أو بتسليم لمن قاله إذا كان القائل الله أو رسوله فإن ظهر عنك مثله جهلوك وأنكروا ذلك ونسبوك إلى فساد الخيال فهم يعترفون بما أنكروه فإنهم أثبتوا الخيال وفساده ولا يدل فساده على عدمه وإنما هو فساده حيث لم يطابق عنده الصحيح الذي هو صحيح وسواء عندنا قلت فيه صحيح أو فاسد قد ثبت عينه وإن تلك الصورة في الخيال فدعها تكون صحيحة أو فاسدة ما أبالي ولم يكن مقصودنا إلا إثبات وجود الخيال
(٣١٢)