حمدان بالجزيرة عن طاعة المقتدر وسبب ذلك أن الوزير علي بن عيسى طالبه بمال عليه من ديار ربيعة وهو يتولاها فدافعه فأمره بتسليم البلاد إلى عمال السلطان فامتنع وكان مؤنس الخادم غائبا بمصر لمحاربة عسكر المهدي العلوي صاحب إفريقية فجهز الوزير رائقا الكبير في جيش وسيره إلى الحسين بن حمدان وكتب إلى مؤنس يأمره بالمسير إلى ديار الجزيرة لقتال الحسين بعد فراغه من أصحاب العلوي فسار رائق إلى الحسين بن حمدان وجمع لهم الحسين نحو عشرين ألف فارس وسار إليهم فلما رأوا كثرة جيشه علموا عجزهم لأنهم كانوا أربعة آلاف فارس فانحازوا إلى جانب دجلة ونزلوا بموضع ليس له طريق إلا من وجه واحد وجاء الحسين فنزل عليهم وحصرهم ومنع الميرة عنهم فأرسلوا اليه يبذلون أن يوليه الخليفة ما كان بيده ويعود عنهم فلم يقبل وحاصرهم وقاتلهم إلى أن عاد مؤنس من الشام فلما سمع العسكر بقربه قويت نفوسهم وضعفت نفوس الحسين وأصحابه فخرج العسكر اليه ليلا وكبسوه فانهزم وعاد إلى ديار ربيعة وسار العسكر فنزلوا على الموصل وسمع مؤنس الخبر فجد في المسير نحو الحسين فلما قرب منه راسله الحسين يعتذر وترددت الرسل بينهما فلم يستقر حال.
وفي تجارب الأمم أنه لما صار رائق إلى الحسين بن حمدان أوقع به الحسين وصار رائق إلى مؤنس واتصلت كتب علي بن عيسى الوزير إلى مؤنس بالاسراع نحو الحسين فجد مؤنس في المسير ولما قرب من الحسين جاءه هارون كاتب الحسين وجرت بينه وبينه خطوب كتب بها مؤنس إلى علي بن عيسى وذكر أن هارون أوصل اليه كتابا من الحسين يتضمن خطابا طويلا قد افتتحه وختمه وكرر القول في فصوله أن السبب في خروجه عما كان عليه من الثقة والطاعة عدول الوزير أيده الله عما كان عليه في أمره إلى ما أوحشه وأنه لم يف له بضمانات ضمنها له وذكر أنه قد اجتمع له من قبائل العرب ورجال العشيرة ثلاثون ألف رجل وانه سال الرسول عما حمله الحسين من الرسالة اليه فذكر أنه يسأله المقام بحران إذ كانت تحمل عسكره وأن يكاتب الوزير أعزه الله في أمره ويسأله صرفه عما يتقلده من الاعمال وتركه مقيما في منزله وتقليد أخيه ديار ربيعة وأنه عرفه أن هذا متعذر غير ممكن فان عزم على اللقاء فبالله يستعين على كل من خالف السلطان أعزه الله وجحد نعمته وأن انقاد للحق وسلك سبيله فنزع عما هو عليه كان ذلك أشبه به وإن أبى وأقام على حاله من التعزز والمخرقة لقيه بمضر بأسرها وصان رجال السلطان مع وفور عددهم من التعرض لطغامه لا لنكول عنه منه لكن لاستهانته بأمره وانه وكل بكاتبه هذا وانه لا يأذن له في الانصراف الا بعد أن يعرف خبر الحسين قال ابن الأثير فرحل مؤنس نحو الحسين حتى نزل بإزاء جزيرة ابن عمر ورحل الحسين نحو أرمينية مع ثقله وأولاده وتفرق عنه عسكره وصاروا إلى مؤنس وفي تجارب الأمم أنه ورد كتاب مؤنس بأنه قد صار اليه من امراء الحسين وغلمانه وثقاته ووجوههم سبعمائة فارس وانه خلع على أكثرهم ونفذ ما كان معه من الخلع والمال قال ابن الأثير ثم أن مؤنسا جهز جيشا في اثر الحسين فتبعوه إلى تل فاقان فوجدوها خاوية على عروشها فجدوا في اتباعه فأدركوه فقاتلوه فانهزم من بقي معه من أصحابه واسر هو وابنه عبد الوهاب وجميع أهله وقبض أملاكه وفي تجارب الأمم أنه قبض على أملاك بني حمدان بأسرهم قال ابن الأثير وعاد مؤنس إلى بغداد على الموصل والحسين معه فاركب على جمل هو وابنه وعليهم البرانس واللبود الطوال وقمصان من شعر أحمر وحبس الحسين وابنه عند زيدان القهرمانة وقبض المقتدر على أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان وعلى جميع اخوته وحبسوا وكان قد هرب بعض أولاد الحسين بن حمدان فجمع جمعا ومضى نحو آمد فأوقع بهم مستحفظها وقتل ابن الحسين وأنفذ رأسه إلى بغداد اه وفي تجارب الأمم أن في المقبوض عليهم من اخوة الحسين بن حمدان الذين دخل بهم مؤنس مع الحسين إلى بغداد اخواه أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان والد سيف الدولة وأخوهما إبراهيم بن حمدان وقال ابن الأثير في حوادث هذه السنة أي سنة 303 أيضا فيها أغارت الروم على الثغور الجزرية وقصدوا حصن منصور وسبوا من فيه وكانت الجنود متشاغلة بأمر الحسين بن حمدان وفي صلة تاريخ الطبري لعريب بن سعد القرطبي أنه في سنة 303 عظم أمر الحسين بن حمدان بنواحي الموصل فانفذ السلطان رائقا الكبير ومعه وجوه القواد فحارب الحسين بن حمدان وهو في نحو خمسة عشر ألفا وقد مر عن ابن الأثير أنه جمع نحو عشرين ألفا فقتل رائق من قواد ابن حمدان جماعة ووجه الحسين بن حمدان إلى ابن رائق جماعة يسأله أن يأخذ له الأمان وإنما أراد أن يشغله بهذا عن محاربته ومضى الحسين مصعدا ومعه الأكراد والاعراب وعشر عماريات فيها حرمه وكان مؤنس الخادم قد انصرف من الغزاة وصار إلى آمد فوجه القواد والغلمان في أثر الحسين فلحقوه وقد عبر بأصحابه وأثقاله واديا وهو واقف يريد العبور في خمسين فارسا ومعهم العماريات فكابرهم حتى أخذوه أسيرا وسلم عياله واخذ ابنه أبو الصقر أسيرا فلما رأى الأكراد هذا عطفوا على العسكر فنهبوه وهرب ابنه حمزة وابن أخيه أبو الغطريف ومعهما مال ففطن بهما عامل آمد وهو سيما غلام نصر الحاجب فاخذ ما معهما من المال وحبسهما ثم ذكر أن الغطريف مات في الحبس فاخذ رأسه وكان الظفر بحسين بن حمدان يوم الخميس للنصف من شعبان ورحل مؤنس يريد بغداد ومعه الحسين بن حمدان واخوته على مثل سبيله وأكثر أهله فصير الحسين على جمل وابنه الذي كان قد هرب من مدينة السلام أبو الصقر قد حمل بين يديه على جمل وعليه قباء ديباج وبرنس وكان قد امتنع من وضع البرنس على رأسه فقال له الحسين ألبسه يا بني فان أباك البس البرانس أكثر هؤلاء الذين تراهم. ونصبت القباب بباب الطاق وركب أبو العباس محمد بن المقتدر وبين يديه نصر الحاجب ومعه الحربة وخلفه مؤنس وعلي بن عيسى الوزير وأخوه الحسين خلف جملة عظيمة عليهم السواد في جملة الجيش ولما صار الحسين بسوق يحيى قال له رجل من الهاشميين الحمد لله الذي أمكن منك فقال له الحسين والله لقد امتلأت صناديقي من الخلع والألوية وأفنيت أعداء الدولة وانما أصارني إلى هذا الخوف على نفسي وما الذي نزل بي الا دون ما سينزل بالسلطان إذا فقد من أوليائه مثلي وبلغ الدار ووقف بين يدي المقتدر ثم سلم إلى نذير الحرمي فحبسه في حجرة من الدار. وفي آخر شهر رمضان ادخل خمسة نفر أسارى من أصحاب الحسين فيهم حمزة ابنه ثم قبض على عبد الله وإبراهيم ابني حمدان وحبسا في دار غريب الخال وهو خال المقتدر ثم أطلقا اه وقد مر عن التجارب انهما قبضا معه وكان اطلاق أبي الهيجاء واخوته سنة 305 وبقي الحسين بن حمدان محبوسا إلى سنة 306 فقتل في الحبس وفي ذيل تاريخ الطبري لغريب أن علي بن محمد بن الفرات كان قد تضمن عنه قبل القبض عليه أن يغرم للسلطان مالا عظيما يقيم به الكفلاء فعورض في ذلك وقيل له انما يريد الحيلة على الخليفة فامسك اه.
وفي شذرات الذهب في سنة 303 عسكر الحسين بن حمدان والتقى هو ورائق فهزم رائقا فسار لحربه مؤنس الخادم فحاربه وتمت لهما خطوب ثم أخذ مؤنس يستميل امراء الحسين فتسرعوا اليه ثم قاتل الحسين فاسره