وسار إلى هارون فأوقع به وقتل رجاله وأسره وسار به متوجها إلى المعتضد وخالفه موشكير إلى الموصل فلم ير الحسين بها وكتب للمعتضد بهزيمته ومطابقته للشاري فغلظ ذلك على المعتضد فامر بقتل أبيه حمدان بن حمدون وكان محبوسا في حبس المعتضد فسأله بدر التوقف وقدم الحسين بالشاري فاشتد سرور المعتضد وحكمه في ثلاث حوائج فسال اطلاق أبيه فاطلق وإزالة الإتاوة عن بني تغلب فأزيلت واثبات خمسمائة فارس منهم يضمون اليه فاثبتوا وفي ذلك يقول أبو فراس في رائيته الطويلة:
واقبل بالشاري (1) يقاد أمامه * وللقد (2) في كلتا (3) يديه ظفائر أماط عن الاعراب ذل اتاوة * تساوى (4) البوادي عندها والحواضر وقال ابن الأثير في حوادث سنة 283 فيها سار المعتضد إلى الموصل بسبب هارون الشاري فوصل إلى تكريت واقام بها واحضر الحسين بن حمدان التغلبي وسيره في طلب هارون بن عبد الله الخارجي في جماعة من الفرسان والرجالة فقال له الحسين ان انا جئت به فلي ثلاث حوائج عند أمير المؤمنين قال له اذكرها قال إحداهن اطلاق أبي وحاجتان اذكرهما بعد مجيئي به فقال له المعتضد لك ذلك فانتخب ثلاثمائة فارس وسار بهم ومعهم وصيف بن موشكير فقال له الحسين تأمره بطاعتي فأمره بذلك وسار بهم الحسين حتى انتهى إلى مخاضة في دجلة فقال الحسين لوصيف ولمن معه لتقفوا هناك فإنه ليس له طريق ان هرب غير هذا فلا تبرحن من هذا الموضع حتى يمر بكم فتمنعوه عن العبور واجئ انا أو يبلغكم اني قتلت ومضى حسين في طلب هارون فلقيه وواقعه وقتل بينهما قتلى وانهزم هارون واقام وصيف على المخاضة ثلاثة أيام فقال له أصحابه قد طال مقامنا ولسنا نأمن ان يأخذ حسين الشاري فيكون له الفتح دوننا والصواب ان نمضي في آثارهم فأطاعهم ومضى وجاء هارون منهزما إلى موضع المخاضة فعبر وجاء حسين في اثره فلم ير وصيفا وأصحابه في الموضع الذي تركهم فيه ولا عرف لهم خبرا فعبر في اثر هارون وجاء إلى حي من احياء العرب فسال عنه فكتموه فتهددهم فاعلموه انه اجتاز بهم فتبعه حتى لحقه بعد أيام وهارون في نحو مائة رجل فناشده الشاري ووعده فأبى حسين الا محاربته فحاربه فالقى الحسين نفسه عليه فاخذه أسيرا وجاء به إلى المعتضد فانصرف المعتضد إلى بغداد وخلع على الحسين بن حمدان وطوقه وخلع على اخوته وادخل هارون على الفيل وامر المعتضد بحل قيود حمدان بن حمدون والتوسعة عليه والاحسان اليه ووعد باطلاقه. وفي مروج الذهب انه في سنة 283 نزل المعتضد تكريت وسار الحسين بن حمدان في الأولياء لحرب هارون الشاري فكانت بينهم حرب عظيمة كانت للحسين بن حمدان عليه فاتى به المعتضد أسيرا بغير أمان ومعه أخوه ثم خلع المعتضد على الحسين بن حمدان خلعا شرفه بها وطوقه بطوق من ذهب وخلع على جماعة من فرسانه ورؤساء أصحابه وأهله وشهرهم في الناس كرامة لما كان من فعلهم وحسن بلائهم ثم امر بالشاري فاركب فيلا وخلفه اخوه على جمل فالج وهو ذو السنامين وسيرهم في اثر الحسين بن حمدان وأصحابه ثم دخل المعتضد في اثره اه وفي هذه السنة أعني سنة 283 سير المعتضد بدرا المعتضدي ومعه بنو حمدان وفيهم المترجم لحرب بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي.
قال ابن خالويه: كان لبكر بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي صاحب وكان صاحب الحسين بن حمدان وضافه وقد شاهد الحسين في وقائعه وكان يكثر ذكره فلما سار بدر المعتضدي ومعه بنو حمدان إلى الجبل لحرب بكر بن عبد العزيز وكان أبو جعفر محمد بن الغمر بن أحمد بن حمدون ابن عم الحسين طليعة للحسين فاسر فظن الحسين انه قد قتل فالتقى العسكران والحسين منفرد بأصحابه وانهزم جيش السلطان ولم يمهل بكر صاحبه ان قال ما أغنى عنهم الحسين فلما استولى بكر على العسكر خرج الحسين ينادي يا لثارات أبي جعفر محمد بن الغمر حتى وقع على سواد بكر فاحتوى عليه ووجد أبا جعفر مقيدا فاستنفذه فالتقاه بكر واشتد القتال وتبارزوا فكشفه الحسين وتمكن منه ورفع السيف عنه فلم يمهل صاحبه ان ذكره ما كان يصفه به وفي ذلك يقول أبو فراس:
وصدق في بكر مواعيد ضيفه * وثور بابن الغمر والنقع ثائر أذل بني عبد العزيز بوقعة * كثيرة ما القى القنا المتشاجر يريد به بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي ويريد بضيفه صاحب بكر الذي كان يكثر ذكر الحسين بن حمدان لأنه كان قبل ذلك ضيفا عند الحسين وورد الكتاب من بدر إلى المعتضد في صدر النهار يخبره بهزيمة عسكره فامر باخراج مضاربه وتلاه في آخر النهار كتاب الحسين يخبره بالفتح وهزيمة بكر بن عبد العزيز فرد مضاربه فقال الشاعر:
أقمت عمود الدين دين محمد * وقد مال أو كادت تميل جوانبه وأقررت رب الملك في دار ملكه * وذكرته ما كان يزعم صاحبه وأقررت بابن الغمر عين ربيعة * وقد كثرت بين البيوت نوادبه أراد برب الملك بكر بن عبد العزيز فإنه رفع السيف عنه ورده إلى ملكه وفي سنة 290 ظهر بالشام خارجي من القرامطة يعرف بالشيخ واسمه يحيى فحاصر دمشق وضيق على أهلها ثم قتل على باب دمشق فاجتمع أصحابه على أخيه الحسين وسمى نفسه احمد وهو المعروف بصاحب الشامة لأنه اظهر شامة في وجهه وزعم أنها آيته قال ابن الأثير ودعا الناس فاجابه أكثر أهل البوادي وغيرهم ثم كتب أهل الشام ومصر إلى المكتفي يشكون ما يلقون من القرمطي فتأهب وخرج بالجند إلى الشام وقدم بين يديه أبا الأغر في عشرة آلاف رجل فكبسهم صاحب الشامة قريبا من حلب فقتل منهم خلقا كثيرا وسلم أبو الأغر ثم تحارب صاحب الشامة وبدر مولى ابن طولون فانهزم القرمطي وقتل من أصحابه خلق كثير ومضى من سلم منهم نحو البادية فوجه المكتفي في اثرهم الحسين بن حمدان وغيره من القواد.
وقال ابن الأثير في حوادث سنة 291 ان الحسين بن حمدان كان أكثر الناس اثرا في حرب صاحب الشامة. وكتب محمد بن سليمان الكاتب كاتب الجيش إلى المكتفي يثني على الحسين بن حمدان وعلي بني شيبان فإنهم اصطلوا الحرب وهزموا القرامطة وأكثروا القتل فيهم والأسر حتى لم ينج منهم الا قليل اه وهذا اجمال لما فصله الطبري حيث ذكر في حوادث سنة 291 خبر الظفر بالقرمطي وان محمد بن سليمان كاتب الجيش كتب إلى الوزير بالفتح وذكر الكتاب بطوله ومن جملته: فلما رأى بعضنا بعضا حمل الكردوس الذي كان في ميسرتهم فقصد الحسين بن حمدان وهو في