الاستطاعة فزالت، بل في المدارك احتمال الصحة لو خلي عن القصد حملا للنذر على الوجه الصحيح، أما لو أطلق في نذره أو قيده في سنة غير سنة الاستطاعة صح وقدم حجة الاسلام، ولو كان نذره حال عدم الاستطاعة وجب الاتيان بالنذر مع القدرة وإن لم تحصل الاستطاعة الشرعية كما في غيره من الواجبات، إذ هي شرط في وجوب حج الاسلام للدليل دون غيره، لكن في الدروس والظاهر أن استطاعة النذر شرعية لا عقلية، فلو نذر الحج ثم استطاع صرف ذلك إلى النذر، فإن أهمل واستمرت الاستطاعة إلى العام القابل وجبت حجة الاسلام أيضا، وظاهر الأصحاب تقديم حجة الاسلام مطلقا، وصرف الاستطاعة بعد النذر إليها إلا أن يعين سنة للنذر، فيصرف الاستطاعة فيها إلى حج النذر وأشكله في المدارك بأن الاستطاعة بهذا المعنى إنما ثبت اعتبارها في حج الاسلام وغيره من الواجبات يراعى فيه التمكن من الفعل خاصة، وبأن النذر المطلق موسع وحجة الاسلام مضيقة، والمضيق مقدم على الموسع، وحينئذ فلو اتفق حصول الاستطاعة قبل الاتيان بالحج المنذور قدمت حجة الاسلام إن كان النذر مطلقا أو مقيدا بما يزيد عن تلك السنة أو بمغايرها، لأن وجوبها على الفور بخلاف المنذورة على هذا الوجه، وإلا قدم النذر لعدم تحقق الاستطاعة في تلك السنة، لأن المانع الشرعي كالمانع العقلي، وحينئذ فيراعى في وجوب حج الاسلام بقاء الاستطاعة إلى السنة الثانية، وقد يقال إن مراد الشهيد بقرينة تفريعه عدم وجوب حجة الاسلام بحصول الاستطاعة في عام النذر المطلق، إلا أن تبقى إلى السنة الثانية، لصيرورة الحج بالنذر وإن كان مطلقا كالدين، فيعتبر في وجوب حجة الاسلام حينئذ وفاؤه، وليس المراد منه عدم وجوب الحج بالنذر إلا بملك الزاد والراحلة نحو حج الاسلام، ضرورة أنه لا دليل عليه، ومن المستبعد جزم الشهيد به.
(٣٤٧)