" وفي الفرق نظر، والمتجه أنه إن حصلت الاستطاعة الشرعية قبل التلبس بالاحرام ثبت الوجوب والاجزاء، لما بيناه من عدم اعتبار الاستطاعة من البلد وإن حصل التلبس قبل تحقق الاستطاعة انتفى الأمران معا، سواء كان عدم تحقق الاستطاعة بعدم القدرة على تحصيل الزاد والراحلة، أو بالمرض المقتضي لسقوط الحج، أو لخوف الطريق، أو غير ذلك، لأن ما فعله لم يكن واجبا، فلا يجزي عن الواجب، كما لا يجزي فعل الواجب الموقت قبل دخول وقته " وفي الحدائق " أن مرجع ذلك إلى ما اختاره الشهيد، لأنه متى كان الاعتبار بالاستطاعة من الميقات فلو تحمل المشقة وارتكب الخطر الذي لم يكلف به بل نهي عنه حتى وصل إلى الميقات وجب عليه الحج وأجزأ، وهو خلاف كلام الأصحاب كما صرح به في التذكرة، وهو ظاهر غيره، لما صرحوا به في الزاد والراحلة، وما ذكره من عدم اعتبار الاستطاعة من البلد فإنما هو في صورة ما لو اتفق له الوصول إلى الميقات بأي نحو كان، فإنه لا يشترط في حقه ملك الزاد والراحلة في بلده كما ذكره الأصحاب، لا بمعنى أن من كان بعيدا لا يمكنه المسير إلا بهذه الشرائط المذكورة فإن استطاعته إنما تحصل باعتبار الميقات، فإنه باطل قطعا، بل الاستطاعة في هذه الصورة مشروطة من البلد، فإن استطاع بحصول هذه الشروط الخمسة المعدودة وجب عليه الحج والمسير، وإلا فلا، نعم يحصل الشك هنا في أن المتكلف للحج بالمشقة الموضوعة عنه في عدم إمكان المسير هل هو من قبيل المتسكع الذي لم يملك زادا ولا راحلة فلا يجزي عنه كما هو المفهوم من كلام الأصحاب، أو من قبيل تكلف تحصيل الزاد والراحلة وإن لم يجب عليه تحصيلهما، فحجه يكون صحيحا مجزيا عن حجة الاسلام كما هو ظاهر شيخنا الشهيد؟ إشكال " قلت: الاشكال في محله، ولا يقال إنه بذلك ينكشف كونه مستطيعا وإن لم يكن عالما بذلك، لأنا نقول أولا لا يتم فيمن وقع فيما خاف منه من جرح أو
(٢٨٩)