والوجه في ذلك:
أولا: انه لا وجه لصرف اللفظ عما له من المعنى العرفي إلى معنى جديد مستحدث، فإنه مما يحتاج إلى قرينة ودليل وهو مفقود في المقام.
وثانيا: انه لم نعثر - بعد الفحص في النصوص - على مورد رتب الحكم بالطهارة فيه على التذكية، بحيث يظهر منه أن التذكية غير الطهارة. فهذا مما يشهد بان المراد بالتذكية هو الطهارة. وتكون الأفعال الخاصة دخيلة في تحقق الطهارة بعد الموت، أو فقل دخيلة في بقاء الطهارة إلى ما بعد الموت، لان الحكم ببقاء الطهارة بيد الشارع وقد رتبه على الأفعال الخاصة.
وعلى هذا، فلو شك في قابلية الحيوان للتذكية فهو شك في طهارته بعد الموت بالأفعال الخاصة، ومقتضى الاستصحاب بقاء الطهارة، فيكون الأصل متكفلا لاثبات التذكية لا لنفيها.
وبالجملة: الكلام السابق كله يبتني على فرض التذكية أمرا غير الطهارة والحلية، ولذا جعلت موضوعا لهما، مع أن الواقع خلافه، إذ لم يرد ما يظهر منه ترتيب الطهارة على التذكية بحيث يفرض لها أثران، فالتذكية بحسب ما نراه هي الطهارة لا غير، فيصح لنا ان نقول انها اسم للمسبب لا للسبب، وهو الأفعال الخاصة، وإن أطلق عليها في بعض الأحيان لفظ التذكية، لكنه كاطلاق لفظ التطهير على الغسل، من باب اطلاق لفظ المسبب على السبب وهو كثير عرفا.
نعم يبقى سؤال وهو: ان هذه الأفعال الخاصة يترتب عليها في بعض الحيوانات الحلية والطهارة كالغنم، وفي بعض آخر الطهارة فقط كالسباع، وفي بعض ثالث يترتب عليها الحلية دون الطهارة كالسمك، فإنه طاهر مطلقا ولو بعد الموت، وانما يترتب على الأفعال الخاصة فيه الحلية، وأما طهارته فهي ثابتة أجريت الأفعال الخاصة أو لا، مع أنه قد عبر عن اخراجه من الماء حيا بالذكاة،