المعدوم لا في ترتب أثر الموجود كي يكون الرفع وضعا.
بيان ذلك: ان العدم والترك إذا كان موضوع أثر خاص، فهو مما لا يترتب على الوجود قهرا، فمثلا إذا كان الترك محرما لم يكن الوجود كذلك، وإن كان للوجود أثر وجودي خاص كالوجوب مثلا. فالذي نقوله: أن الاشكال نشأ عن تخيل ان حديث الرفع إذا تكفل تنزيل المعدوم منزلة الموجود فهو يقتضي ترتب آثار الموجود عليه، وهذا وضع لا رفع. مع أن الامر ليس كذلك، بل حديث الرفع انما يتكفل تنزيل المعدوم منزلة الموجود في عدم ترتب الأثر عليه لا غير، فيكون الترك - في المثال المزبور - بمنزلة الفعل في عدم كونه محرما ومخالفة لا في كونه واجبا ومما يتحقق به الامتثال، فلا يكون رفع العدم على هذا وضعا.
ومنها: ما ذكره من عدم إمكان استفادة صحة الصلاة من حديث الرفع فيما إذا نسي الاتيان ببعض الاجزاء أو اضطر إلى تركه أو اكره عليه، لما تقدم من أن الترك لا يكون مشمولا بالحديث. فإنه لا يخلو من خلط، إذ النسيان كما ينتسب إلى الترك كذلك ينتسب إلى الفعل، فالترك الناشئ عن نسيان لا بد أن يكون عن نسيان الفعل، فالنسيان عارض على الفعل وعلى الترك، فالمتعين إفراده بالكلام وفصله عن صورة الاضطرار إلى الترك، إذ لا يتصور صدور الترك عن نسيان مع عدم نسيان الفعل.
ولعل مراده ما ذكرنا من تعدد الملاك، وأن الكلام في الاضطرار لا يتأتى في النسيان، بل عدم شمول حديث الرفع لنسيان الجزء لوجوه أخرى، والاشتباه كان من المقرر.
ومنها: ما ذكره من أن الجزئية غير منسية مع نسيان الجزء. وهذا مما لا يمكن الالتزام به، إذ يمتنع أن يكون المكلف في المكان المقرر للجزء ملتفتا إلى جزئية الجزء ثم ينسى الاتيان بالجزء، بل لا بد أن يكون نسيان الجزء مصاحبا لنسيان الجزئية. ويستحيل التفكيك بينهما. فالتفت ولا تغفل.