منشؤه الاطلاع على رأي المعصوم (عليه السلام) من طريق ليس بأيدينا، والأمر ليس كذلك ههنا، فان من يلتزم بالبراءة في الشبهة الوجوبية أو الشبهة التحريمية يستند في التزامه إلى الوجوه المعلومة التي نحن في مقام التحدث عن تماميتها وعدم تماميتها، فلا يكون مثل هذا الاجماع المركب حجة في المقام.
وأما الوجه الثاني: فلان الترك في موارد الوجوب لا يصدق عليه أنه حرام عرفا، ولا يصدق على الشك فيه أنه شك في الحرام. فلا وجه لما أفاده، ولعل قوله:
" فتأمل " إشارة إلى ذلك.
وأما على الثاني: فقد يستشكل في دلالتها على البراءة في الشبهة الحكمية من جهة تطبيقها - بعنوان التمثيل - على موارد كلها من الشبهات الموضوعية، وظاهر التطبيق والتمثيل كون المراد بالعموم هو خصوص الشبهات الموضوعية.
بل قد يشكل تكفلها لجعل أصالة البراءة التي هي محل البحث، لان جميع الأمثلة المذكورة في النص مما لا يكون المستند في الحلية فيها أصالة الحل، بل الأصول أو الامارات الموضوعية الحاكمة على أصالة الفساد أو أصالة الاحتياط في الفروج والأموال، بحيث لولا هذه الأصول الموضوعية لكان المرجع هو الاحتياط لا البراءة.
أقول: الاشكال من الجهة الأولى هين إذ لا ظهور في التطبيق بنحو يوجب صرف العام عن عمومه. وإنما العمدة هو الاشكال من الجهة الثانية.
وعليه، يدور مفاد الرواية بين كونها اخبارا عن ثبوت الحلية في جميع موارد الشبهة، كل شبهة بحسب ما يتقرر فيها من دليل أو أصل يقتضي الحلية، فيكشف عن جعل أصالة الحل والبراءة في الموارد المشتبهة الخالية عن ما يقتضي الحلية من أصل موضوعي أو دليل. وكونها إشارة إلى ما جعله الشارع من أصول و امارات تقتضي الحلية وبيان تسهيل الشارع على العباد وعدم تضييقه عليهم،