هذا، مع أن ذلك مانع عن شمول الحديث، لما عرفت في الجهة الأولى ان هذا الحديث لا يتكفل رفع الأحكام الثابتة للشئ بقيد عدم الاكراه. فراجع.
وأما المعاملات الايقاعية، كالطلاق والعتق، فالحال فيها كالحال في العقود.
ثم إنه قد يدعى شمول رفع الاكراه للأحكام الوضعية بدلالة رواية صفوان بن يحيى والبزنطي جميعا عن أبي الحسن (عليه السلام): " في الرجل يستكره على اليمين فيحلف بالطلاق والعتاق وصدقة ما يملك أيلزمه ذلك؟ فقال:
لا، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): وضع عن أمتي ما اكرهوا عليه وما لم يطيقوا وما أخطأوا " (1).
والتحقيق: أن المكره عليه إن كان الحلف على الفعل من ايجاد الطلاق والعتق والصدقة - بالمعنى المصدري - فيراد من قوله: " أيلزمه ذلك " وجوب صدور ذلك منه، كانت الرواية أجنبية عما نحن فيه، إذ هي تتكفل رفع الحكم التكليفي بوجوب الوفاء باليمين وحرمة الحنث. وان كان الحلف على الطلاق وغيره بالمعنى الاسم المصدري، نظير نذر النتيجة، فيكون المراد من قوله:
" أيلزمه ذلك " نفوذ ولزومه الوضعي وترتب هذه الأمور بمجرد الحلف، كانت مما نحن فيه. ولكن ذلك خلاف ظاهرها، فان ظاهرها كون الحلف على ايجاد هذه الأمور لا على ترتبها وتحققها في أنفسها.
هذا، مع أن الحلف على هذه الأمور باطل عندنا، ولو كان بدون اكراه، فتطبيق حديث الرفع عليه ظاهر في كون الطرف السائل من المخالفين، أو المورد مورد التقية (2).