وقد تعرض إلى بعض ما أوردناه على المحقق النائيني بعض الأعاظم المحققين فراجع تقريرات بحثه (2).
ثم إنه قد يشكل شمول الحديث لموارد ترك الواجب من جهة أخرى، وهي: ان ظاهر الحديث هو رفع الأثر الشرعي المترتب على معروض الاكراه - مثلا - دون غيره، لما عرفت من أن المراد بالموصول الفعل الذي تعلق به الحكم أو يكون موضوعا له، والاكراه على الترك لا يكون من الاكراه على موضوع الأثر، إذ الوجوب متعلق بالفعل، فلا أثر للترك كي يرتفع بالاكراه، وما هو موضوع الأثر لم يعرض عليه الاكراه.
ولكنه يجاب بما حقق في مسألة الضد من: ان الامر بالشئ عين النهي عن الضد العام له وهو الترك. بتقريب: ان البعث والتحريك الاعتباري كالبعث الخارجي، فكما أن البعث الخارجي نحو شئ تكون له نسبتان: نسبة إلى الفعل المبعوث نحوه، وهي نسبة القرب إليه. ونسبة إلى عدمه، وهي نسبة البعد عنه.
كذلك البعث الاعتباري، فان البعث نحو شئ اعتبارا كما ينسب إلى الفعل فيكون محركا إليه كذلك ينسب إلى عدمه فيكون زاجرا عنه. فنفس طلب الفعل ووجوبه ينهى عن الترك ويبعد المكلف عنه بالتقريب المذكور، فيكون الترك موضوعا للأثر الشرعي لانتساب الحكم إليه بنسبة الزجر عنه.
ولولا هذا البيان لأشكل الامر في تعلق الاكراه بالمحرم أيضا بناء على أن الحرمة طلب الترك - كما قربناه - لا الزجر عن الفعل. فان الاكراه على الفعل لا يكون من الاكراه على متعلق الحكم، إذ متعلقه هو الترك.
نعم، لو كانت الحرمة هي الزجر عن الفعل كان الفعل بنفسه متعلقا للحكم.