تقبل الرفع بحيث يثبت الامر بباقي الاجزاء أولا؟. فقد يقال: ان جزئية الجزء ليست مجعولة شرعا، وإنما هي منتزعة عن تعلق الامر بالمركب، فينتزع عن كل جزء من المركب أنه جزء المأمور به، وهي بهذا المعنى تكون قابلة للوضع والرفع شرعا. ولكنها انما تقبل الرفع بلحاظ رفع منشأ انتزاعها وهو الامر الضمني المتعلق بالجزء، وبما أن الامر الضمني لا يثبت مستقلا ومنفردا عن سائر الأوامر الضمنية المتعلقة بسائر الاجزاء، لم يمكن رفعه وحده، بل لا يرتفع إلا بارتفاع الامر بالكل. وعليه فرفع الجزئية لا يكون الا برفع الامر بالكل، فلا دليل على ثبوت الامر بالباقي.
ومن هنا أشكل الامر في اثبات وجوب الأقل لو دار الامر بينه وبين الأكثر، بواسطة شمول حديث الرفع للجزء المجهول كونه جزء.
و قد تصدى صاحب الكفاية إلى الإجابة عن هذا الاستشكال بما لم نعهد صدوره قبله، ومحصل ما أفاده (قدس سره): ان لدينا دليل على الامر بالكل.
ولدينا دليل يرشد إلى جزئية أمر، كقوله: " لا صلاة الا بفاتحة الكتاب " (1)، وهذا الدليل بمقتضى اطلاقه يتكفل الاخبار عن دخالة الجزء في العمل في مطلق الأحوال. فحديث الرفع يتكفل الاخبار عن عدم جعل جزئية الفاتحة في حال الجهل أو غيره، فيكون مخصصا لدليل الجزئية، ولا نظر له إلى دليل الامر بالكل مباشرة. فيكون نظير الاستثناء المتصل الدال على عدم الجزئية في غير مورد الجهل. فلو ورد الدليل هكذا: " لا صلاة الا بفاتحة الكتاب في حال عدم الجهل "، هل يتوقف أحد في ثبوت الامر في مورد الجهل بالفاقد للجزء المضطر إلى تركه؟.
وبالجملة: بعد تخصيص دليل الجزئية بحديث الرفع يرجع في اثبات الامر بالباقي إلى دليل الامر بالعمل نفسه. فلاحظ.