لثبوته لم يكن حديث الرفع شاملا للموارد التي تكون هذه العناوين دخيلة في الحكم، ويكون الحكم مترتبا عليها. لاستلزامه أن يكون الشئ الواحد مقتضيا للمتنافيين، بل كان منصرفا - بمقتضى هذا الوجه العقلي - عن هذه الصورة ومختصا بمورد يكون الحكم ثابتا لذات العمل بعنوانه الأولي بلا دخالة هذه العناوين أصلا. فليس حديث الرفع ظاهرا في رفع الحكم الثابت في مورد الاضطرار، بل هو ظاهر في رفع الحكم لاجل الاضطرار، إذ " الاضطرار " اخذ في موضوع الرفع فيكون دخيلا فيه، ولم يؤخذ في المرفوع كي يرد الاشكال المزبور (1).
وهذا البيان أشار إليه ملخصا المحقق النائيني (2). وأوضحه المحقق الأصفهاني (قدس سره) بضميمة مقدمة إليه، وهي ظهور ورود الحديث في مورد الامتنان (3).
وهذه الجهة بنظرنا غير دخيلة في البيان، فإنه يتم ولو لم يؤخذ فيه ورود الحديث مورد المنة والتسهيل.
بل التحقيق: ان هذا الامر - أعني كون ملاك الرفع هو الامتنان كما يصرح به ويلتزم بلوازمه -، لو سلم كان مخلا بالبيان السابق، إذ مرجعه إلى كون رفع التكليف في موارد هذه العناوين لاجل التسهيل والمنة على العباد، وهذا لا ينافي كون هذه العناوين بحسب ذواتها مقتضية لثبوت الحكم، إذ لا منافاة بين كون الشئ بلحاظ ذاته مقتضيا لثبوت شئ، وبلحاظ جهة أخرى فيه مقتضيا لعدم ذلك الشئ، ولا مانع من اقتضاء الشئ الواحد للمتنافيين بهذا الوجه.
إذن فلا مانع من الالتزام بظهور حديث الرفع في كون هذه العناوين لاجل المنة رافعة للحكم مع الالتزام بشموله لموارد تكون هذه العناوين بذواتها موجبة لثبوت