وأما في المعاملات، فان موارد الأصل الذي يثبت التكليف - وهو أصالة عدم ترتب الأثر المعبر عنها بأصالة الفساد - كثيرة إذا لم نرجع إلى الاطلاقات العامة والخاصة والسيرة العقلائية في اثبات صحة المعاملة، وإلا كانت قليلة كما في العبادات.
وعليه، فنقول: إن ما ادعي من استلزام العمل بالأصول المثبتة للتكليف الحرج ليس بصحيح لقلة مواردها كما عرفت.
كما أن دعوى العلم الاجمالي بانتقاض الحالة السابقة في بعض مواردها ممنوعة، إذ ما الوجه في ذلك بعد فرض قلة موارد الأصول، وما المانع من كون جميعها مطابقة للواقع؟.
وهكذا ما ادعاه صاحب الكفاية من انحلال العلم الاجمالي باجراء الأصول مع الضميمة، فان موارد الأصول المثبتة إذا كانت قليلة كيف ينحل بها العلم الاجمالي بثبوت التكاليف في العبادات والمعاملات؟.
وأما ما أفاده (قدس سره) من عدم منافاة العلم الاجمالي بالانتقاض لجريان الاستصحاب هنا - لو سلم منافاته في نفسه -. ففيه: ان المجتهد بعد انتهائه من استنباط الاحكام جميعها يحصل لديه علم بان بعض الاحكام التي اختارها استنادا إلى الاستصحاب غير واقعية، فكيف يعمل بها أو يفتي على طبقها ليعمل بها مقلدوه؟. وهذا الاشكال واضح تعرض إليه الكثير.
وعليه، فقد ظهر انه لا مجال لجريان الاستصحاب فيما نحن فيه لو التزم بمنافاة العلم الاجمالي للأصول ولو كانت مثبتة إذا تحقق العلم بالانتقاض. كما ظهر أن إجراء الأصول المثبتة لا ينفع في حل العلم الاجمالي.
وعليه، فلا يمكن الرجوع إلى الأصول النافية في مواردها لاستلزامه المخالفة العملية للعلم الاجمالي بالتكليف. فلاحظ.
وأما ما ذكره (قدس سره) أخيرا من: انه مع عدم انحلال العلم الاجمالي