بالاجمال الذي عزلنا طائفة من الاخبار بمقداره، وهذا مما لا علم لدينا به، إذ نحتمل قريبا أو بعيدا ان تكون تلك الامارات المطابقة للواقع متفقة في المضمون مع الاخبار الصادرة المتضمنة للتكاليف ولا علم لدينا بان من الامارات التي ليس على طبقها خبر صادر أصلا ما هو موافق للواقع ومصادف له، فتطبيق ضابط عدم الانحلال فيما نحن فيه ناشئ من الخلط بين العلم بمطابقة بعض الامارات وباقي الاخبار للواقع وبين العلم بثبوت تكليف زائد بينها على المقدار المعلوم بالاجمال بين الاخبار من التكاليف. والذي ينفعهم هو الثاني دون الأول، والموجود هو الأول دون الثاني. إذن فالمعلوم بالاجمال الكبير محتمل الانطباق على المعلوم بالاجمال الصغير فيما نحن فيه، فلا يكون العلم الاجمالي الكبير منجزا، بل دعوى الانحلال دعوى صحيحة.
وقد أخذ صاحب الكفاية هذه الجهة في ضمن الدليل، فلا يرد عليه الوجه الأول من وجوه الشيخ.
وأما الثاني من الوجوه، فهو يرد على الاستدلال بالتقريب الذي ذكره الشيخ له من لزوم العمل بمظنون الصدور بلحاظ تطبيق مقدمات الانسداد في الاخبار، ولكن صاحب الكفاية لم يذهب إلى ذلك، بل ذهب - في تقريبه - إلى لزوم العمل بجميع الاخبار المثبتة، فلا موضوع للوجه الثاني من إيرادات الشيخ حينئذ.
وأما الوجه الثالث، فقد اتفق صاحب الكفاية مع الشيخ فيه، فهو اشكال مشترك الورود على كلا التقريبين، وهو ما عرفت من أن هذا الدليل لا ينهض على إثبات حجية الخبر بالمعنى المطلوب في باب الحجية من صلاحيته لتقييد المطلقات وتخصيص العمومات وغير ذلك. بل إذا كان هناك اطلاق ينفي التكليف جاز العمل به في قبال الخبر المثبت له في بعض افراده وبالعكس، بل يلزم العمل بالأصل العملي إذا كان مثبتا للتكليف ولو كان على خلافه خبر