الوجهان كما لا يخفى.
ولكن الظاهر كما ذكره (قدس سره) كون الآية في مقام التحذير من العقاب لا من فوات المصلحة، إذ لم يكن يرد هذا المعنى في أذهان العامة في الصدر الأول، إذ الالتفات إلى وجود المصالح كان متأخرا عن ذلك الزمان.
هذا ولكن الوجهين مخدوشان:
اما الثاني: فلان مقتضى التدقيق العقلي في معنى الانذار هو ما ذكره من عدم صدقه في مورد لا يتحقق فيه الخوف، ولكن المعنى العرفي أو المفهوم العرفي له ليس ذلك، بل يصدق الانذار ولو لم يتحقق الخوف، بل ولو علم المنذر انه لا يتحقق الخوف لديهم كما يشهد بذلك موارد الاستعمالات العرفية كما في موارد استعمال الانذار في إنذار الكفار الذين لم يكونوا يبالون بكلام الرسل (عليهم الصلاة والسلام). وكما في قولك " أنذرته فلم ينفع " أو " أنذرته وانا اعلم أنه لا ينفع فيه الانذار "، ولعل السر في ذلك هو كون الانذار عبارة عن التنبيه وبيان تحقق ما هو مكروه على فعل المنذر، أو عبارة عن الكون في مقام التخويف والتحديد لا عبارة عن التهديد والتخويف الفعلي.
واما الأول: فلان احتمال تحقق الحذر لا يلازم حجية الانذار، إذ لا مجال لقاعدة قبح العقاب بلا بيان على تقدير عدم حجية الانذار، إذ يكون المورد من موارد الشبهة الحكمية قبل الفحص والاحتياط فيها لازم بلا كلام، فيترتب الحذر على الانذار لايجاده احتمال التكليف بالنسبة إليهم فيلزمهم الحذر لقاعدة دفع الضرر المحتمل، ولا يلازم ذلك حجية انذارهم.
ومن هنا تعرف: انه يمكن ان يخدش في الوجه الثاني، ولو فرض ان الانذار هو التخويف الفعلي، إذ يتحقق الخوف من العقاب فعلا عند تحقق الانذار ولو لم يكن الانذار حجة، لاندراج المورد في موارد الشبهة الحكمية قبل الفحص، فلا يتوقف صدر الانذار على حجية الابلاغ.