ولكن قد يناقش هذا الاحتمال: بأنه ليس له في الآية عين ولا اثر وانما رتب التحذر على الانذار مباشرة.
وهنا احتمال ثالث وهو كون الغاية والفائدة من وجوب الانذار هو الاعداد للتحذر لا نفس التحذر الفعلي.
وهذا ظاهر في عدم حجية الانذار ولو لم يفد العلم، بل لا يجب التحذر الا عند حصول العلم، وتكون فائدة إنذار كل منذر دخالته في حصول العلم.
وهذا الاحتمال نستطيع ان تجزم به من ظاهر الآية الكريمة. وذلك إذ لم يرتب نفس الحذر على وجوب الانذار بل رتب احتمال الحذر، إذ لم يقل:
(ليحذروا) بل قيل: (لعلهم يحذرون) وقد عرفت أن ظاهر: " لعل " كون مدخولها واقعا موقع الاحتمال. وهذا لا يتناسب الا مع فرض الاعداد للتحذر هو الغاية والفائدة من إنذار كل منذر، ليتحقق الحذر الفعلي عند حصول العلم.
ومثل هذا الاستعمال شايع في الموارد التي يعلم عدم كون الغاية نفس الفعل بل الاعداد له، كما يقال: " ليبذل كل فرد منكم من ماله شيئا لعلنا نبني هذا المسجد ".
وإذا ظهر أن الغاية هو الاعداد للحذر لم تكن ملازمة لحجية الانذار، بل يمكن أن يكون ذلك من باب دخالة كل إنذار في حصول العلم بالمنذر به.
ومن هنا يظهر ان ذلك لا ينافي وجوب الانذار مطلقا ولو لم يحصل به العلم، لكونه جزء المؤثر في حصوله. نعم لو علم بعدم حصول العلم بالمنذر به أصلا لعدم إنذار غيره، لم يجب عليه الانذار لكونه لغوا، كما لو علم الشخص ان غيره لا يبذل المال أصلا لبناء المسجد، فلا يجب عليه بذل ما وجب عليه، إذ لا يؤثر بذله شيئا.
وبهذا البيان ظهر حال المقدمة الثانية، وهي التمسك باطلاق وجوب الانذار في اثباته ولو لم يحصل به العلم، إذ عرفت أنه تام لو علم أنه يحصل العلم