وبعبارة أخرى: يكون نقل السبب حجة إذا كان تمام السبب في نظر المنقول إليه أو جزءه، إذ بدون ذلك لا أثر عملي يترتب عليه كي يكون حجة.
ولكنه يشكل - بعد فرض العلم بان الناقل حصل أقوال العلماء بطريق الحس لا الحدس، بان علم مبنى الفقيه واعتقد انطباقه في مورد خاص، فنسب إليه الفتوى في المورد، فإنه نقل حدسي لا حسي فلا تشمله أدلة الخبر، وبعد فرض ان ما يحصله المنقول إليه من أقوال العلماء يعلم انها غير ما نقلت إليه، والا لم يحصل له العلم بقول الإمام (عليه السلام) بضم ما حصله إلى المنقول لاحتماله وحدتهما -: ان ما يكون مشمولا لأدلة الخبر هو الاخبار عن الحكم أو الموضوع ذي الحكم، اما الاخبار عما ليس بحكم وليس بموضوع ذي حكم فلا تشمله أدلة الخبر لعدم الأثر العملي.
وما نحن فيه من هذا القبيل، فان الاخبار عن اجماع العلماء ليس إخبارا عن حكم - كما هو واضح - ولا إخبارا عن موضوع لحكم شرعي، إذ الحكم الشرعي ورأي الإمام (عليه السلام) لا يترتب على الاجماع، وانما يتحقق العلم به بطريق الملازمة العقلية أو غيرها عند العلم بالاجماع، فجعل الحجية لنقل الاجماع لغو، لا يترتب الأثر على حجية النقل.
وقد أجاب في الكفاية عن هذا الاشكال: بان نقل الاجماع كنقل خصوصيات السائل من مكانه وزمانه التي يوجب اختلافها اختلاف المستفاد من الكلام، فحين يقال ان السائل عن مقدار الكر بالأرطال مدني يحمل الرطل الوارد في النص على الرطل المدني في قبال الرطل العراقي، ونحو ذلك، فكما لا يتوقف أحد في حجية مثل هذه الأخبار مع أنها ليست إخبارا عن حكم ولا موضوع حكم وانما عن خصوصية تكون دخيلة في معرفة خصوصية الحكم (1).