وفي الثالث، لا يكون الظن حجة في تعيين الموضوع له لعدم الدليل على اعتباره. نعم نسب إلى المشهور حجية قول اللغوي بالخصوص في تعيين الأوضاع. هذا ما ذكره في الكفاية بتوضيح منا (1).
وهو لا يخلو عن مؤاخذات. وتوضيح ذلك: ان ظهور الكلام الفعلي في أي معنى واستقرار ظهوره انما يكون بعد تمامية الكلام، وملاحظة كل لفظ مع غيره.
وعليه، فنقول: ان ظهور الكلام في المعنى ودلالته عليه..
تارة يقال: إنها لا تتبع إرادة المتكلم تفهيم المعنى بالكلام، بل ينتقل الذهن إلى المعنى بمجرد سماعه الكلام ولو لم يصدر عن التفات وشعور، ويستشهد على ذلك بما لو وجد شخص مكتوبا على حائط: " رأيت أسدا يرمي " فإنه ينتقل ذهنه إلى رؤية الرجل الشجاع ولو لم يعلم ان كاتب الكلام قصد استعمال هذه الألفاظ في معانيها، بل احتمل انه كتبها لتجربة قلمه في الخط.
وأخرى يقال: إنها تتبع إرادة المتكلم تفهيم المعنى بالكلام. ببيان: انه لا وجه لحمل أسد على غير معناه الأولي الا بلحاظ ان المتكلم نصب قوله: " يرمي " قرينة على بيان مراده، وحيث إنه لا يتلاءم مع المعنى الأولي فلا بد من حمله على ما يتلاءم مع الرمي وهو الرجل الشجاع. فالتصرف في معنى أسد واستظهار غير معناه لا يتم الا في صورة إرادة المتكلم تفهيم معنى بكلامه، إذ لا يمكنه إرادة تفهيم معنيين متنافيين لحصول التهافت.
اما مع عدم كونه مريدا للتفهيم، فابقاء أسد على ظاهره لا محذور فيه.
وبالجملة: فالظهور الثانوي للكلام لا يتم الا في صورة إرادة التفهيم.
واما تبادر المفهوم الثانوي من جملة: " رأيت أسدا يرمي " لو رؤيت