هذا، مع ما ذكره غير صاحب الكفاية من: ان تقرير الأئمة (عليهم السلام) للقرآن الذي بأيدينا بالارجاع إليه واستحباب القراءة فيه واحترامه وغير ذلك من احكام القرآن الكثيرة يكفي في جواز العمل بظواهره، سواء التزم بالتحريف أم لم يلتزم، فاحتمال التحريف أو العلم به لا ينفع في منع حجية ظواهر القرآن بعد كل ما ذكر مما عرفت. فالتفت.
ثم إن الشيخ (رحمه الله) (1) - وتبعه صاحب الكفاية (2) - تعرض في ذيل البحث عن حجية ظواهر الكتاب إلى تحقيق امر وهو: انه إذا اختلفت القراءة في الكتاب على وجهين مختلفين في المؤدى، كالاختلاف في قراءة: (يطهرن) (3) - من آية الحيض - في التشديد من التطهر والتخفيف من الطهر، فان الظاهر على قراءة التشديد إرادة الاغتسال من حدث الحيض، وعلى قراءة التخفيف إرادة النقاء من الدم وانقطاعه، فيختلف المعنى باختلاف القرائتين، فإذا قيل بتواتر القراءات كلها - كما هو المشهور -، فهما بمنزلة آيتين تعارضتا، فاما ان يمكن الجمع العرفي بينهما فهو، وإلا فلا بد من التوقف والرجوع إلى مقتضى القواعد.
وإذا لم يلتزم بتواتر القراءات، فان ثبت جواز الاستدلال بكل قراءة - كما ثبت بالاجماع جواز القراءة بكل قراءة - كان الحكم كما لو قيل بتواتر القراءات. وإن لم يثبت جواز الاستدلال بكل قراءة كان الحكم هو التوقف والرجوع إلى القواعد، لعدم ثبوت القرآن بإحداهما، فيكون المراد مجهولا. وعلى تقدير جواز الاستدلال بكل قراءة بحيث تكون كل قراءة دليلا وحجة على القرآنية، لا يلتزم باعمال قواعد الترجيح ههنا، لظهور دليلها في كون موضوعها