وبيانه: ان التقرب يحصل باتيان العمل بداع مقرب.
ومن الواضح ان الداعي يكون متأخرا بوجوده الخارجي عن العمل ومترتبا عليه، ولكنه بوجود التصوري العلمي سابق على العمل.
ولأجل ذلك يمتنع ان يؤتى بالعمل بداعي الامر، لان نفس الامر مما لا يترتب بوجوده الخارجي على العمل، بل هو سابق عليه.
وانما الصحيح الاتيان بالعمل بداعي امتثال الامر وتحقق موافقته خارجا، فإنه مما يترتب على العمل ومن الأمور المقربة.
ولا يخفى انه في مورد دوران الواجب بين عملين يحتمل في كل منهما أن يكون هو الواجب يمتنع ان يؤتى بكل منهما بداعي احتمال الامر، إذ احتمال الامر كالعلم به سابق على العمل غير مترتب عليه خارجا فلا يصلح للداعوية، ولا يمكن الاتيان بكل منهما بداعي تحقق الموافقة، إذ لا علم بتعلق الامر به فيستلزم ذلك التشريع المحرم.
نعم أحد الفعلين موافق للامر قطعا ولكنه لا يعلمه بعينه، فهو حين يأتي بالفعلين يدعوه داعيان، أحدهما تحصيل الموافقة والاخر التخلص من تعب تحصيل العلم - مثلا -.
والأول داع إلهي قربي والاخر غير قربي - وان كان عقلائيا -.
ومن الواضح ان الداعي الإلهي لا يتعين واقعا لموافق الامر وغيره لمخالفه، كي يصدر العمل الواجب عن داع قربي خالص، بل نسبة الداعيين إلى كل من الفعليين على حد سواء، بمعنى انه لا تمييز لأحدهما على الاخر في مقام الداعوية، وعليه فيصدر كل من الفعلين عن داعيين، أحدهما إلهي، والاخر دنيوي وهو ينافي المقربية.
ولعل هذا هو مراد الشيخ من أن التكرار عبث ولعب بامر المولى، فلا يتجه الايراد عليه بأنه يمكن أن يكون التكرار لداع عقلائي، إذ عرفت أن جهة