فما ذكره من أن ما يروى عن أئمتنا عليهم السلام في حكم الخبر والموقوف عندهم أجنبي، إذ ليس الكلام أن الحسان والموثقات والقويات والمرويات عن خصوص من أئمتنا تكون من الصحاح عندهم على مبناهم في العدالة وتعرفها، بل الكلام بعد الفراغ عن كون الرواية عمن يحتج بقوله، وهو عندنا المعصوم عليه السلام، وعندهم أبو هريرة وأمثاله من ابن مهال الحبشية وأصحابه.
وقول هذا الفاضل: (إلا أنهم ضيقوا من وجه آخر.. إلى آخر ما ذكره) غريب بعد وقوفه على كلام الرواشح وشرحه معنى الشذوذ وذا العلة، وأعجب من ذلك قوله: (نعم يكون حمل كلامه على الفرض والتقدير، إلى قوله: وأنت خبير بأن هذا مما لا فائدة فيه). وما عساه يريد بالفائدة ولو لم يحتمل أن يكون المراد ما ذكرناه.
وقوله: (على أنه مما لا يدفع الضيم من قضية اعتبارهم في حد الصحيح الخلو عن الشذوذ والعلة). أي ضيم لحق هذا الفاضل؟ كأنه يريد أنهم اعتبروا ما لم نعتبره.
سبحان الله: أوليس نقل عنهم أن رواية أهل البدع إذا لم يكونوا من الدعاة لمذاهبهم صحيحة على الأظهر الاعدل، وقول الكثير أو الأكثر. أوليس قد نقل عنهم تضعيف دعوى عدم الاحتجاج بقول من (كفر ببدعة) باحتجاج صاحبي الصحيحين وغيرهما بكثير من المبتدعة غير الدعاة؟ أبعد هذا يضيم الفاضل باعتبارهم عدم الشذوذ والعلة في التعريف مع أنهما لا يرجعان إلى السند غالبا!
وسأذكر (1) في آخر الفصل السادس (2) (في آداب كتابة الحديث) تنبيها عن هذا الفاضل يذكر فيه فوائد مراجعة كتب حديث العامة، وأشرح فيه أحوال رجال البخاري، وأبين عدد الخوارج الذين روى عنهم البخاري، وأعد جماعة من القدرية والمرجئة الذين روى عنهم البخاري، الذي قالوا فيه (3): إنه أصح كتاب بعد كتاب الله المجيد.
بئس للظالمين بدلا.