أقول: العلة لقلة أخبارهم، وشدة اعتنائهم، فإذا وجدوا السند على صفة سموه باسم يناسب تلك الصفة، كما ستعرف تفصيل القول فيه، وأقصاه أنه اصطلاح بعد الوقوع، ولا مشاحة.
والأصحاب لما أرادوا تقسيم السند ربما ذكروا هذه الأقسام التي سمعتها، وان كانوا هم الأصل في وضع تلك الاصطلاحات، وإن لم يتفق في أسانيدنا مثل ذلك إلا نادرا، ولا بأس.
والشيخ لما كان ممن يرمي الأصحاب باتباع العامة، وسلوك مسالكهم على طريقة صاحب الفوائد (1) - ولو رجما بالغيب - لسوء الظن بهم، قال:
(وأنت إذا تأملت بعين الحق واليقين، وجدت التقسيم المذكور من هذا القبيل).
وإنها لكلمة زور، فإنهم لا يعرفون الموثق، وإنما يصفون السند بالصحة والضعف بحسب وثاقة الرجال وضعفهم، وربما قالوا هذا الحديث حسن وإنما يريدون بحسب المعنى دون السند.
ولئن سبقوا بهذا التقسيم فأي بأس بموافقتهم في ذلك بعد مطابقته للواقع، وما كان الاعتراض على الأصحاب بمجرد هذا الاصطلاح، بل اختلاف الاحكام بحسب اختلاف الأقسام، سميت بهذه الأسماء أم بغيرها. ولو أنه أسبل ذيل الستر على هذه الوجوه كما أسبل على الباقيات - التي أشار إليها بقوله: (إلى غير ذلك من الوجوه التي أنهيناها في كتاب المسائل إلى اثنى عشر) - لكان أمثل، ولكن أبى الله تعالى إلا للحق ظهورا، وللباطل إلا دحضا.
متى كان أصحابنا - وخاصة أمثال هؤلاء الاجلاء - يتتابعون في اتباع العامة في الفروع فضلا عن الأصول، ونحن نرى الواحد منا أول ما يبرع يستقبل الأمور بنفسه حتى يبلي عذره نقضا وإبراما وتأسيسا وإحكاما ثم، لا يتعاضمه قول فقيه، ولا إفتاء مفتي.
هكذا أيه الشيخ المحدث، ولا أقل من قانون الأدب، فإنك إنما أخذت منهم،