كما نبه عليه المصنف في النهاية ولا فرق في الجواز بين أن يكون لها سبيل إلى المقصد غير المسجد أو لا يكون للعموم كما في الجنب لاشتراكهما في الحدث ودليل المنع والإباحة ويحرم عليها وضع شئ في المساجد أيضا كالجنب رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته كيف صارت الحائض تأخذ ما في المسجد ولا تضع فيه قال لان الحائض تستطيع أن تضع ما في يدها في غيره ولا تستطيع أن تأخذ ما فيه إلا منه وعد سلار اللبث في المساجد للجنب والحائض ووضع شئ فيها مما يستحب تركه ولم يفرق بين المسجدين وغيرهما ويدفعه النص والاجماع وكذا يحرم عليها قراءة العزائم الأربع وأبعاضها للنص والاجماع ولو فرض منها تلاوة أحدها وجب عليها السجود وإن أثمت كما أشار إليه بقوله وتسجد وهو خبر معناه الامر بالسجود لو تلت إحدى السجدات أو استمعت لمن يقرأها ولا تحريم فيه والمراد بالاستماع الاصغاء وكذا تسجد لو سمعت السجدة من غير قصد لاشتراك الجميع في المقتضى وعدم علاقة الحيض للمانعية أما الأول فلما روى في الصحيح عن الباقر عليه السلام حيث سئل عن الطامث تسمع السجدة قال إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها ولما رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام قال إذا قرئ شئ من العزائم الأربع وسمعتها فاسجد وإن كنت على غير وضوء وإن كنت جنبا وإن كانت المرأة لا تصلى وأما الثاني فلان احتمال المنع إنما نشأ من كون السجود جزأ من الصلاة المشترطة بالطهارة كما هو حجة الشيخ على عدم السجود وهو ممنوع لان المساواة في الهيئة لا تقتضي المشاركة في الشرائط ولأن اشتراط المجموع بشئ لا يقتضى اشتراط الاجزاء بذلك وما ورد من قوله عليه السلام في خبر عبد الرحمن في الحائض تقرأ ولا تسجد محمول على السجدات المستحبة بدليل قوله تقرأ فلا تصلح حجة للشيخ وإنما ترك مسألة السماع لان بحثه عن الوجوب لدلالة ظاهر الامر عليه والسماع لا يوجب عنده ولأن القصد التنبيه على خلاف الشيخ رحمه الله وقال الشهيد رحمه الله في بعض تحقيقاته إن المصنف إنما ترك السماع لأنه مدلول عليه بالالتزام وفي تحقيق اللزوم نظر واعلم إن هذه الأمور المحرمة عليها ليست غاية زوال التحريم فيها واحدة بل منه ما غايته الطهارة كالصلاة والطواف ومس كتابة القرآن ودخول المساجد وقراءة العزائم ومنه ما غايته انقطاع الدم كالطلاق فإن تحريمه مرتفع بالنقاء وإن لم تغتسل ومنه ما اختلف في إلحاقه بأحد القسمين وهو الصوم فالمشهور إلحاقه بالصلاة فلا يصح الصوم بدون الغسل وإن لم يتوقف على الوضوء واختار المصنف في النهاية تبعا لابن أبي عقيل انتهاء غاية التحريم فيه إلى النقاء وإن لم تغتسل ولم يذكر في النهاية عليه دليلا لكنه مذهب العامة وهو بأصولهم أشبه لعدم اشتراط الطهارة في الصوم عندهم لصحته من الجنب والترجيح مع المشهور بأمور أحدها أن الحيض مانع من الصوم في الجملة فيستصحب حكم المنع إلى أن يحصل المنافى له شرعا باليقين وهو غير حاصل قبل الغسل لعدم الدليل الصالح على ذلك ولا يعارض بأن عموم الأوامر بالصوم يدخل المتنازع ولا يخص إلا بدليل وليس المتنازع كذلك لان الحائض قد خرجت من عموم الأوامر بحصول الدم المحكوم بكونه حيضا فلا تعود حتى يتحقق ارتفاع المانع وهو إنما يتم بالغسل وثانيها إن الصوم من الحائض غير صحيح قطعا والوصف ثابت بعد النقاء بل وبعد الغسل لما تقرر في الأصول من أنه لا يشترط لصدق الاشتقاق بقاء المعنى المشتق منه لكن خرج من ذلك ما أخرجه الدليل وهو ما بعد الغسل فيبقى الباقي على أصله وثالثها إن المستحاضة الكثيرة الدم لا يصح صومها بدون الغسل إجماعا مع أنها أخف حدثا من الحائض قطعا فعدم صحة صوم الحائض قبله أولى وليس هذا من باب القياس الممنوع بل من باب مفهوم الموافقة وكذا القول في النفساء بعد النقاء بتقريب الدليل ويحرم على زوجها وطؤها قبلا في زمان الدم بإجماع المسلمين حتى إن مستحله كافر مرتد لانكاره ما علم من الدين ضرورة فيجرى عليه أحكامه ما لم يدع شبهة ممكنة في حقه كقرب عهده من الاسلام ونشوة في بادية بعيدة عن العلم بمعالم الدين ولو
(٧٦)