غيرها من الأذكار المشتملة على الثناء على الله على رأى قوى عند المصنف وجماعة كالشيخ في المبسوط وابن إدريس لصحيحتي هشام بن سالم وابن الحكم عن الصادق عليه السلام قلت له أيجزي أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا إله إلا الله والحمد لله والله أكبر فقال نعم كل هذا ذكر الله وفيه إيماء إلى العلة فيجزى كل ما يعد ذكر الله ويتضمن ثناء عليه وأيضا متى أجزأ ذلك أجزأ مطلق الذكر لعدم القائل بالفرق وذهب أكثر الأصحاب إلى تعيين التسبيح لما رواه هشام بن سالم أيضا عنه عليه السلام قال سألته عن التسبيح في الركوع والسجود قال تقول في الركوع سبحان ربى العظيم وفى السجود سبحان ربى الأعلى الفريضة من ذلك واحدة والسنة ثلث والفضل في سبع وروى زرارة عن الباقر عليه السلام قلت له ما يجرى من القول في الركوع والسجود فقال تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجزى وعن عقبة بن عامر قال لما نزل فسبح باسم ربك العظيم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله اجعلوها في ركوعكم ولما نزل سبح اسم ربك الأعلى قال صلى الله عليه وآله اجعلوها في سجودكم والامر للوجوب فعلى هذا يجب ثلاث تسبيحات صغرى أو واحدة كبرى للمختار واجتزوا بواحدة صغرى للمضطر كالمريض والمستعجل والتحقيق أنه لا منافاة بين هذه الأخبار الصحيحة من الجانبين فإن التسبيحة الكبرى وما يقوم مقامها يعد ذكرا لله تعالى فتكون أحد أفراد الواجب التخييري المدلول عليه بالاخبار الأولى فإنها دلت على إجزاء ذكر الله وهو أمر كلي يتأدى في ضمن التسبيحة الكبرى والصغرى المكررة والمتحدة فيجب الجميع تخييرا وهذا مع كونه موافقا للقواعد الأصولية جمع حسن بين الاخبار فهو أولى من اطراح بعضها أو حملها على التقية وغيرها نعم رواية معوية بن عمار عن الصادق عليه السلام حين سأله عن أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة قال ثلاث تسبيحات ترسلا تقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله قد تأبى هذا الحمل لكن لا صراحة فيها بأن ذلك أخف الواجب فيحمل على أخف المندوب فإنه أعم منهما إذ لم يبين فيه الفرد المنسوب إليه الأخفية واعلم أن أكثر الروايات خال عن لفظة وبحمده في التسبيحة الكبرى لكنها موجودة في خبر حماد بن عيسى و يمكن رجوع اللفظة إلى ما بيناه في الواجب المخير لان التسبيح المصاحب لها بعض أفراد الذكر بل هو من أكبره فيكون أحد الواجبات ولا يقدح في الوجوب جواز تركها كما في صلاة المسافر في مواضع التخيير وهذا البحث آت على القولين تفسير التسبيح لغة التنزيه ومعنى سبحان الله تنزيها له من النقايص مطلقا وهو اسم منصوب على أنه واقع موقع المصدر لفعل محذوف تقديره سبحت الله سبحانا وتسبيحا أي برأته من السوء براءة والتسبيح هو المصدر وسبحان واقع موقعه وعامله محذوف كما في نظائره ولا يستعمل غالبا إلا مضافا كقولنا سبحان الله وهو مضاف إلى المفعول به أي سبحت الله لأنه المسبح المنزه قال أبو البقاء ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل لان المعنى تنزه الله والمعروف هو الأول ومعنى سبحان ربى العظيم وبحمده تنزيها له من النقايص وعامله المحذوف هو متعلق الجار في وبحمده والمعطوف عليه محذوف يشعر به العظيم كأنه قال تنزيها لربي العظيم بعظمته وبحمده أو وبحمده أنزهه فيكون عطفا لجملة على جملة وقيل معنى وبحمده والحمد له على حد ما قيل في قوله تعالى ما أنت بنعمة ربك بمجنون أي والنعمة لربك والعظيم في صفته تعالى من يقصر كل شئ سواه عنه أو من انتفت عنه صفات النقص أو من حصلت له جميع صفات الكمال أو من قصرت العقول عن أن تحيط بكنه حقيقته فإن الأصل في العظيم أن يطلق على الأجسام يقال هذا الجسم عظيم وهذا الجسم أعظم منه ثم ينقسم إلى ما تحيط به العين وإلى ما لا تحيط به كالسماء والأرض ثم الذي لا تحيط به العين قد يحيط به العقل و قد لا يحيط وهو العظيم المطلق ويطلق على الله تعالى بهذا الاعتبار مجردا عن أخذ الجسم جنسا في تعريفه وتجب
(٢٧٢)