من البلاد التي يزيد عرضها عن أربعة وعشرين درجة فإن الظل الشمالي لا يعدم لعدم مسامتة الشمس لرؤوسهم أصلا فيكون علامة الزوال عندهم زيادة الظل فتدبر هذا الجملة فإنها مبنية على مقدمات دقيقة واستقم كما أمرت ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله والامر الثاني مما يعلم به الزوال ما أشار إليه بقول أو ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن للمستقبل لقبلة أهل العراق وإنما أطلقها لظهورها أو لكونها قبلته وهذه العلامة لا يعلم بها الزوال إلا بعد معنى زمان كثير لاتساع جهة القبلة بالنسبة إلى البعيد ومن ثم قيدها المصنف في النهاية والمنتهى بمن كان بمكة إذا استقبل الركن العراقي ليضيق المجال ويتحقق الحال والامر باق بحاله فإن الشمس لا تصير على الحاجب الأيمن لمستقبل الركن العراقي إلا بعد زمان كثير بل ربما أمكن استخراجه للبعيد في زمان أقل منه لمستقبل الركن والتحقيق أنه لا حاجة إلى التقييد بالركن لما ذكرناه ولأن البعيد إذا استخرج نقطة الجنوب باخراج خط نصف النهار صار المشرق و المغرب على يمينه ويساره كما هو أحد علامات العراقي وإن كان في هذه العلامة بحث تقف عليه في محله إن شاء الله فإذا وقف الانسان على سمت هذا الخط ظهر له ميل الشمس إذا مالت في زمان قصير يقرب من زيادة الظل بعد نقصه وأما إذا اعتبر البعيد قبله العراقي بغير هذه العلامة خصوصا بالنظر الدقيق الذي يخرج به سمت القبلة فإن الزوال لا يظهر حينئذ إلا بعد مضى ساعات من وقت الظهر كما لا يخفى على من امتحن من ذلك اعتباره باستقبال الركن العراقي فإنه ليس موضوعا على نقطه الشمال حتى يكون استقباله موجبا لاستقبال نقطة الجنوب وللوقوف على خط نصف النهار وإنما هو بين المشرق والشمال فوصول الشمس إليه يوجب زيادة ميل عن خط نصف النهار كما لا يخفى إذا تقرر ذلك فوقت الظهر المختص بها بمعنى عدم وقوع العصر فيه مطلقا من زوال الشمس إلى أن يمضى من الزمان مقدار أدائها تامة الأفعال والشروط بأقل واجباتها بحسب حال المكلف باعتبار كونه مقيما ومسافرا صحيحا ومريضا سريع القراءة والحركات وبطيها مستجمعا بعد دخول الوقت لشروط الصلاة أو فاقدها فإن المعتبر مضى قدر أدائها وإداء شرائطها المفقودة فإن اتفق خلوه منها جميعا بأن كان محدثا عاريا ونجس الثوب والبدن والمكان بطي القراءة والحركات ونحو ذلك كان وقت الاختصاص مقدار تحصيل هذه الشرائط وفعل الصلاة ولو اتفق كونه متطهرا خاليا ثوبة وبدنه ومكانه من نجاسة عالما بالقبلة ونحو ذلك كان وقته قدر أداء الصلاة خالصة حتى لو فرض كون المكلف في حال شدة الخوف وقد دخل عليه الوقت جامعا للشرائط فوقت الاختصاص بالنسبة إليه مقدار صلاة ركعتين عوض كل ركعة تسبيحات أربع ولو فرض سهوه عن بعض الواجبات فإن كان مما يتلافى فوقت تلافيه من وقت الاختصاص ثم بعد مضى هذا المقدار من الزوال تشترك الظهر في الوقت مع العصر بمعنى إمكان صحة العصر قبل الظهر في هذا الوقت ويتفق ذلك فيما لو صلى العصر قبل الظهر ناسيا فإنها تصح إذا وقعت أو بعضها في المشترك ويصلى الظهر بعدها كما سيأتي ويستمر الاشتراك من مضى مقدار أداء الظهر كما ذكر إلى أن يبقى للغروب مقدار أداء العصر على الوجه المتقدم فتختص العصر به فلو لم يكن صلى الظهر قبل ذلك بقيت قضاء بعد أن يصلى العصر في المختص بها نعم لو أدرك من آخر الوقت قدر خمس ركعات زاحم بالظهر والقول بالاختصاص على الوجه المذكور هو المشهور بين الأصحاب ويرشد إليه ظاهر قوله أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل فإن ضرورة الترتيب تقتضي الاختصاص ورواية داود بن فرقد المرسلة عن الصادق عليه السلام إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضى مقدار ما يصلى المصلى أربع ركعات فإذا فرض ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلى أربع ركعات
(١٧٨)