أيضا ولا ترتيب واجب بينهما أي بين الرجلين للأصل ولقوله تعالى وأرجلكم فيصدق مع الترتيب وعدمه إذ لا دلالة للكلى على الجزئي المعين وأوجبه جماعة لتقريب الدليل في الوضوء البياني وهو أنه لو قدم فيه اليسرى أو مسحهما معا تعين ذلك وهو خلاف الاجماع فتعين كون اليمين فيه مقدمة وهذا الدليل لا معارض له هنا كما في صورتي نكس المسح فيعمل عليه (فنعمل عمله صح) والآية كما أنه لا تدل عليه لا تنافيه كجمع الأيدي مع وجوب الترتيب فيها وهذا هو الأجود ويجب فيه الموالاة ولا خلاف عندنا في وجوبها ولكن اختلف في معناها على ثلاثة أقوال أحدها أنها مراعاة الجفاف مطلقا فمتى أخر متابعة الأعضاء على وجه لا يحصل معه جفاف فلا أثم عليه ولا إبطال وهو قول الأكثر ومنهم الشيخ في الجمل وثانيها متابعة الأعضاء بعضها البعض بحيث إذا فرغ من عضو شرع في آخر في حال الاختيار فإن أخل بها معه أثم ولا يبطل إلا بالجفاف ومع الضرورة كفراغ الماء ونحوه لا أثم بالتأخير ولا إبطال ما لم يجف وهو قول الشيخين في غير الجمل والمبسوط والمصنف رحمهم الله وإليه أشار هنا بقوله وهي أي الموالاة المتابعة اختيارا فإن آخر بعض الأعضاء عن بعض فجف المتقدم استأنف وإلا فلا لكن مع الاثم في حال الاختيار وثالثها المتابعة مع الاختيار فمتى أخل بها معه بطل الوضوء سواء حصل معه جفاف أم لا وهو قول الشيخ في المبسوط وهذا القول أسقطه المصنف في المختلف وجعل فيها قولين خاصة وقد عرفت أن الثلاثة للشيخ رحمه الله وحده فضلا عمن شاركه في بعضها وممن صرح بالثلاثة المحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى وكذا في حاشيته على القواعد وإن كانت لا تخالف من إجمال واستدل المصنف على مذهبه هنا باقتضاء الامر في قوله تعالى فاغسلوا إلخ الفور لأنه أحوط وبقوله تعالى سارعوا إلى مغفرة من ربكم فاستبقوا الخيرات وبأنه تعالى أوجب غسل الوجه واليدين والمسح عند إرادة القيام إلى الصلاة بلا فصل وفعل الجميع دفعة متعذر فيحمل على الممكن وهو المتابعة وبما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا توضأت بعض وضوءك فعرضت له حاجة حتى يبس وضوءك فأعد وضوءك فإن الوضوء لا يتبعض فحكمه عليه السلام بأن الوضوء لا يتبعض يصدق مع الجفاف وعدمه وبقوله عليه السلام اتبع وضوءك بعضه بعضا و بالوضوء البياني كما تقدم من أنه لو لم يتابعه لوجب التفريق وهو خلاف الاجماع وبأنه أحوط وفي كل واحد من هذه الوجوه نظر أما الأول فلانه مخالف لمذهبه في سائر كتبه الأصولية حيث ذهب إلى أن الامر لا يفيد الفور ولا التراخي لاستعماله فيهما بل هو الظاهر من دليله هنا في قوله لأنه أحوط فإن البحث ليس فيه بل في الواجب الذي يحصل الاثم بتركه و الاستدلال بآية المسارعة أجاب هو عنها في الكتب الأصولية بأن المسارعة إلى المغفرة مجاز إذ المراد ما يقتضيها ولو سلم كونها للوجوب والفور فلا يدل على فورية مطلق الامر لان المسارعة إلى المغفرة بفعل سببها وهو التوبة وهو واجب فوري وأما الآية الثانية فنمنع إن الامر فيها للوجوب إذ ليس استباق جميع الخيرات واجبا وأما قوله إن الله سبحانه أوجب غسل الوجه عقيب إرادة القيام إلى الصلاة بلا فصل بناء على دلالة الفاء على التعقيب بغير مهلة فقد أجيب عنه بأن الفاء الدالة عليه كذلك هي العاطفة كقولك جاء زيد فعمرو وأما الداخلة على الجزا كقولك إذا جاء زيد فأكرمه فقد نصوا على عدم إفادتها التعقيب ومع تسليمه يلزم عدم جواز تأخير الطهارة عنها أول الوقت لمن أراد القيام إلى الصلاة في آخر الوقت مثلا إذ يصدق عليه أنه مريد القيام إلى الصلاة ولم يقل به أحد وأما الخبر فهو بالدلالة على نقيض المدعى أولى من الدلالة عليه وقوله فيه أن الوضوء لا يتبعض تعليل للإعادة فإن كان المراد به مطلق التفريق وجب إعادته وهو لا يقول به وإن كان المراد غير ذلك لم يدل على مطلوبه والظاهر أن المراد بالتبعيض فيه الجفاف كأنه يصير بعضه جافا وهو المتقدم وبعضه رطبا والمراد التبعيض على هذا الوجه وهو مع فرض إهماله حتى يجف جميع ما تقدم
(٣٨)