الاجزاء في آن واحد فكان المرجع في ذلك إلى الاستعمال العرفي كما يقال جاء القوم دفعة ونحوه وقد تقدم الكلام في ذلك وما ذكر من التطهير بإلقاء الكر ليس على وجه الانحصار فإنه يطهر أيضا بوصول الماء الجاري إليه عند من لا يعتبر فيه الكثرة وبنزول ماء المطر عليه وبما ذكرناه من اتصاله بالكثير الباقي على كثرته بعد الوصول إذ لا يختص الحكم بالحمام بعد اشتراط كثرة المادة وكذا يطهر بالنبع من تحته إذا اشتمل على قوة وفوران ما يرشح رشحا لعدم الكثرة الفعلية وهذا كله إذا لم يتغير وإلا لم يطهر بذلك إلا مع زوال التغير نعم لو بقي المتغير متميزا عن الكر أو الجاري كفى في طهره التموج حتى يزول التغير كما سلف القسم الرابع ماء البئر وهو نبع مخصوص له أحكام خاصة فلذلك خصه بالذكر وقد عرف الشهيد رحمه الله البئر في الشرح بأنها مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعداها غالبا ولا يخرج عن مسماها عرفا واحترز بالقيد الأخير عن كثير من الماء النابع الذي لا يتعدى محله غالبا لكن لا يسمى بئرا عرفا فالحكم حينئذ تابع للاسم ويمكن تفسيره بغيره ولا بعد في ذلك بعد ورود الشرع والمراد بالعرف هنا العام لا الموجود في زمانه صلى الله عليه وآله خاصة لان الحكم معلق على اسم ليس له حقيقة شرعية فيرجع فيه إلى العرف لتقدمه على اللغة وربما خصه بعضهم بعرفه صلى الله عليه وآله أو عرف أحد الأئمة فما ثبت له الاسم في زمانهم كالموجود في العراق والحجاز لحقه الحكم وإلا فالأصل عدم تعلق أحكام البر به وليس بجيد لما بيناه وحكم ما بالبئر أنه إن تغير بالنجاسة نجس إجماعا وفي ما يطهر به حينئذ أقوال أحدها ما اختاره المصنف وهو أنه يطهر بالنزح حتى يزول التغير وهو اختيار المفيد وجماعة وبناء على ما اختاره المصنف من عدم انفعال البئر بمجرد الملاقاة كالجاري ظاهر لان زوال التغير عن الجاري كاف في طهارته قال في المخ ولأن سبب التنجيس التغير فيزول الحكم بزواله لكن هذا الدليل لو تم لزم طهارة البئر بزوال التغير من نفسه فلا ينحصر التطهير في النزح وكان ظاهر العبارة يأباه لكن العبارة ليست خارجة مخرج الحصر لان البئر تطهر بمطهر غيره وبالنزح عند الأكثر مع أنه لم يصرح به هنا فيكون زوال التغير من نفسه كذلك وأما على ما اختاره المفيد والجماعة من نجاسته بمجرد الملاقاة فمستنده ما رواه الشيخ في الحسن عن الصادق عليه السلام فإن تغير الماء فخذه حتى يذهب الريح وقول الرضا عليه السلام في رواية محمد بن إسماعيل الآتية إلا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح منه حتى يذهب الريح ويطيب طعمه ويشكل ذلك فيما له مقدر نصا إذا زال التغير قبل استيفاء المقدر فإن وجوب بلوغه لو لم يتغير يقتضى وجوبه معه بطريق أولى وحمل مثل ذلك على الغالب من أن إزالة التغير تستوفى المقدر وزيادة لو تم غير كاف في هذا المقام الموجب اللاجمال و الاخلال فالمناسب حينئذ وجوب أكثر الامرين من المقدور ما به يزول التغير جمعا بين النصوص الدالة على الاكتفاء بزوال التغير والموجبة لاستيفاء المقدور هو ثاني الأقوال ومختار الشهيد في الذكرى وثالثها التفصيل بكون النجاسة منصوصة المقدر فيجب نزح أكثر الامرين من المقدور وما به يزول التغير أو غير منصوصة فيجب نزح الجميع ومع التعذر التراوح وهو اختيار ابن إدريس واستحسنه المصنف في المخ لكن ادعى أنه ليس عليه دليل قوى والظاهر أنه أقوى الأقوال وأمتنها دليلا أما وجوب أكثر الامرين مع النص على المقدر فلان بلوغ المنصوص لا بد منه للنص ومع بقاء التغير بعده لا يعقل الحكم بالطهارة ولا بد من اعتبار زوال التغير لما تقدم من الاخبار وإن تقدم زوال التغير على استيفاء المقدر فوجوب استيفائه ظاهر لوجوبه على تقدير عدم التغير فمعه أولى وإن لم يكن للنجاسة مقدر فسيأتي أنه يجب نزح الجميع مع عدم التغير فمعه أولى ومع تعذر نزح الجميع يجب التراوح للنصوص الدالة عليه وسيأتي إن شاء الله فإن قيل على
(١٤٣)